صفحة جزء
5802 - وعنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة فقلت والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض بقفاي من ورائي قال فنظرت إليه وهو يضحك فقال : يا أنيس ذهبت حيث أمرتك . قلت : نعم ، أنا أذهب يا رسول الله . رواه مسلم .


5802 - ( وعنه ) أي : عن أنس رضي الله عنه ( قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا ) : بضمتين ويسكن اللام أي عشرة ( فأرسلني يوما ، لحاجة ، قلت : والله لا أذهب ) ، أي بلسان ، وكأنه أراد به الوقت الآتي ، ويؤيده قوله : ( وفي نفسي ) أي : وفي قلبي وجناني ( أن أذهب لما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي لأجل أمره إياي به ( فخرجت ) أي على قصد الذهاب إليه ( حتى أمر ) : بالنصب وفي نسخة بالرفع كقوله تعالى : حتى يقول الرسول قال الطيبي : هو حكاية الحال الماضية ، ويجوز أن تكون حتى ناصبة بمعنى " كي " قلت : لكن لا يلائمه المعنى إذ المراد أني خرجت أذهب إلى أن مررت في طريقي ( على صبيان وهم يلعبون في السوق ) ، والظاهر أنه وقف عندهم إما للعب أو للتفرج ، ولذا قال : ( فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض ) أي أخذ ( بقفاي ) : والقفا بالقصر مؤخر العنق فقوله : ( من ورائي ) ، للتأكيد أو متعلق بقبض ( قال ) أي : أنس ( فنظرت إليه وهو يضحك ، وقال : " يا أنيس " ) تصغير أنس للشفقة والمرحمة ( " ذهبت " ) أي : أذهبت ( " حيث أمرتك " ؟ قلت : نعم ) . بناء على أنه شرع في الذهاب فقوله : ( أنا أذهب ) أي : الآن أكمل الذهاب ( يا رسول الله ) ! قال شارح : إنما قال : نعم ؛ لأن المأمور كالموجود بناء على أنه جزم العزم على الذهاب ، أو لأن ذهبت في السؤال في معنى أتذهب لعلمه - صلى الله عليه وسلم - بأنه ما ذهب أنس إلى تلك الحاجة ، واقتصر الطيبي على الأول ، ثم قال : ويحمل قوله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في : والله لا أذهب وأمثاله على أنه كان صبيا غير مكلف قال الجزري : ولذا ما أدبه بل داعبه ، وأخذ بقفاه وهو يضحك رفقا به ( رواه مسلم ) .

[ ص: 3711 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية