صفحة جزء
5803 - وعنه ، قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة ورجع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في نحر الأعرابي حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد ، مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه - صلى الله عليه وسلم - ثم ضحك ، ثم أمر له بعطاء . متفق عليه .


5803 - ( وعنه ) أي : عن أنس ( قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد ) أي : ثوب مخطط على ما في النهاية ( نجراني ) : بفتح نون وسكون جيم منسوب إلى نجران بلد باليمن ذكره شارح ، وفي النهاية : هو موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن ، ( غليظ الحاشية ) ، أي الطرف ( فأدركه أعرابي ) ، أي لحقه ( من ورائه فجبذه ) أي : فجذب الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه ( جبذة شديدة ) ، والجبذ : لغة في الجذب ، وقيل : هو مقلوب منه ( ورجع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في نحر الأعرابي ) أي : في صدره ومقابله من شدة جذبه . قال الطيبي أي : استقبل - صلى الله عليه وسلم - نحره استقبالا تاما ، وهو معنى قوله : وإذا التفت التفت معا ، وهذا يدل على أنه لم يتغير ولم يتأثر من سوء أدبه . ( حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) : وهو موضع أداء من المنكب ( قد أثرت بها ) أي : في صفحته . ( حاشية البرد من شدة جذبه ) ، قلت : وصدق الله في قوله : الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله . ( ثم قال : يا محمد ) ! والظاهر أنه كان من المؤلفة ، فلذلك فعل ما فعله ، ثم خاطبه باسمه قائلا على وجه العنف مقابلا لبحر اللطف ( مر لي ) أي : مر وكلاءك بأن يعطوا لي أو مر بالعطاء لأجلي ( من مال الله الذي عندك ) ، أي من غير صنيع لك في إعطائك ، كما صرح في رواية حيث قال : لا من مالك ولا من مال أبيك . قيل : المراد به مال الزكاة ، فإنه كان يصرف بعضه إلى المؤلفة ، ( فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) ، أي فنظر إليه تعجبا ( ثم ضحك ) ، أي تلطفا ( ثم أمر له بعطاء ) . وفيه استحباب احتمال الوالي من أذى قومه ، وفيه دفع المال حفظا على عرض الرجال ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية