صفحة جزء
5804 - وعنه ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت فاستقبلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول لم تراعوا لم تراعوا وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرج وفي عنقه سيف فقال لقد وجدته بحرا . متفق عليه .


5804 - ( وعنه ) أي : عن أنس رضي الله عنه ( قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس ) ، أي خلقا وخلقا ، وصورة وسيرة ، ونسبا وحسبا ، ومعاشرة ومصاحبة ، ( وأجود الناس ) ، أي أكثرهم كرما وسخاوة ( وأشجع الناس ) أي : قوة وقلبا ، ويدل عليه قوله تعالى : فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين على القتال ، ولذا كان يركب البغل لأنه لا يتصور معه الكر . ( ولقد فزع ) : بكسر الزاي أي خاف ( أهل المدينة ) : وفي المصابيح : فزع الناس . في شرح السنة أي : استغاثوا . يقال : فزع منه بالكسر أي خاف ، وفزع إليه أي استغاث كذا ذكره شارح له . ( ذات ليلة ) أي : حيث سمعوا أصواتا أنكروها ، ( فانطلق الناس قبل الصوت ) ، بكسر القاف وفتح الموحدة أي : إلى جانبه ( فاستقبلهم ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس راجعا إليهم حال كونه ( قد سبق الناس إلى الصوت ) أي : إلى نحوه وتحقق عدم الفزع عنده ، وأبعد الطيبي في قوله : الضمير في ( فاستقبلهم ) راجع إلى ما دل عليه الصوت الذي فزع منه أهل المدينة ، يعني القوم . قال ميرك : والظاهر أن الضمير للناس ، والمراد أنه - صلى الله عليه وسلم - سبق الناس إلى الصوت ، فلما رجع استقبل الناس الذين خرجوا نحو الصوت . قلت : بل هذا هو المتعين لقوله : ( وهو يقول : " لم تراعوا " ) ، بضم التاء والعين مجهول من الروع بمعنى الفزع والخوف ، أي : تخافوا ولم تفزعوا ، وأتى بصيغة الجحد مبالغة في النفي ، وكأنه ما وقع الروع والفزع قط ( " لم تراعوا " ) : كرره تأكيدا أو كل لخطاب قوم من عن يمينه ويساره . في شرح السنة : ويروى لن تراعوا ، والعرب تضع لم ولن موضع " لا " انتهى . فعلى هذا يكون خبرا في معنى النهي ذكره الطيبي ، والظاهر أنه على الأول من غير تأويل .

[ ص: 3712 ] يكون خبرا في معنى النهي " وأما على هذا فيكون نهيا على الحقيقة . قال التوربشتي : هو في أوثق الروايات

لن تراعوا أي : لا خوف ولا فزع فاسكنوا يقال : ريع فلان إذا فزع . ( وهو ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( على فرس لأبي طلحة عري ) : بضم فسكون ، أي : ليس عليه سرج ، نقول : ( ما عليه سرج ) : بيان وتأكيد أو احتراز من نحو : جل أو لجام ، ( وفي عنقه ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( سيف ) . أي متقلد وفي نسخة بكسر السيف أي في جيد الفرس حبل من ليف السعف ، واقتصر عليه شارح وهو بعيد جدا في المعنى ، وإن كان قريبا في المبنى ( فقال : " لقد وجدته " ) أي : الفرس ( " بحرا " ) . أي جوادا وسريع الجري ، وكان يسمى ذلك الفرس المندوب بمعنى المطلوب ، وكان بطيئا ضيق الجري ، فانقلب حاله ببركة ركوبه - صلى الله عليه وسلم - ويشبه الفرس إذا كان جوادا بالبحر لاستراحة راكبه به كراكب الماء إذا كانت الريح طيبة . ( متفق عليه ) .

قال النووي : فيه بيان ما أكرمه الله تعالى به من جليل الصفات ، وفيه معجزة انقلاب الفرس سريعا بعد أن كان بطيئا ، وفيه جواز سبق الإنسان وحده في كشف أخبار العدو ما لم يتحقق بالهلاك ، وجواز العارية ، وجواز الغزو على فرس المستعار ، واستحباب تقلد السيف في العنق ، وتبشير الناس بعد الخوف إذا ذهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية