صفحة جزء
5811 - وعنه ، قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا لعانا ولا سبابا كان يقول عند المعتبة ما له ترب جبينه . رواه البخاري .


5811 - ( وعنه ) أي : عن أنس ( قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ) أي : آتيا بالفحش من الفعل ( ولا لعانا ولا سبابا ) ، المقصود منهما نفي اللعن والسب ، وكل ما يكون من قبيل الفحش القولي ، لا نفي المبالغة فيهما ، وكأنه نظر إلى أن المعتاد هو المبالغة فيهما ، فنفاهما على صيغة المبالغة ، والمقصود نفيهما مطلقا كما يدل عليه آخر كلامه . قال الطيبي ، فإن قلت : بناء فعال للتكثير أو للمبالغة ، ونفيه لا يستلزم نفي اللعن والسب مطلقا . قلت : المفهوم ها هنا غير معتبر ، لأنه وارد في مدحه - صلى الله عليه وسلم - فإن أريد التكثير فيعتبر الكثرة فيمن يستحقه من الكفار والمنافقين ، أي : ليس بلاعن واحد واحد منهم ، وإن أريد المبالغة كان المعنى أن اللعن بلغ في العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان اللاعن بمثله لعانا بليغ اللعن نحو قوله تعالى : وأن الله ليس بظلام للعبيد قلت : الأظهر في معنى الآية والحديث أن يقال : فعال للنسبة كتمار ولبان أي : ليس الله بذي ظلم مطلقا ولا رسوله بصاحب لعن ولا سب لمن لم يكن مستحقا من الكفار أو الفجار ، لكونه في الرحمة ، ولذا استأنف الراوي بقوله : ( كان يقول عند المعتبة ) : بفتح التاء ، وقيل بكسرها أيضا بمعنى الملامة والعتاب على ما في القاموس ، واختاره ابن الملك وبمعنى الغضب كما في النهاية ، واختاره شارح والمعنى غاية ما يقوله عند المعاتبة ، أو المخاصمة هذه الكلمة معرضا عنه غير مخاطب له ( " ما له ترب جبينه ) ؟ وهي أيضا ذات وجهين ، إذ يحتمل أن يكون دعاء على المقول له بمعنى رغم أنفك ، وأن يكون دعاء له بمعنى سجد لله وجهك . ( رواه البخاري ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية