صفحة جزء
الفصل الثاني

570 - عن عبادة بن الصامت رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات افترضهن الله تعالى ; من أحسن وضوءهن ، وصلاهن لوقتهن ، وأتم ركوعهن وخشوعهن ، كان له على الله عهد أن يغفر له ، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه " . رواه أحمد ، وأبو داود ، وروى مالك والنسائي نحوه .


الفصل الثاني

570 - ( عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خمس صلوات " ) : مبتدأ ( " افترضهن الله تعالى " ) : صفة المبتدأ ، وقيل : خبره ( من أحسن ) : هذه الشرطية خبر المبتدأ أو خبر بعد خبر ( وضوءهن ) : بمراعاة فرائضها وسننها ، وأبعد ابن حجر بقوله : يحتمل أن يكون المراد بإحسانه الإتيان بأركانه وشروطه ، فيكون المراد بإحسانه تصحيحه ، فإن الإحسان أمر زائد على أصل الفعل ( وصلاهن لوقتهن ) : أي : وقتهن ، أو في أوقاتهن المختارة . وقال الطيبي : أي : قبل أوقاتهن وأولها ، وأغرب ابن حجر وقال : ولا دليل على ذلك ، بل الصواب ما أفادته في التي اللام بمعناها من أن الشرط الأداء في الوقت ، وإن لم يكن أوله . اهـ .

[ ص: 511 ] ولا وجه للتخطئة ; لأن الطيبي حمل الحديث على أحد الاحتمالين ، وهو أفضلهما في مذهبه ، والشرطية في هذا الحديث غير محصورة على الفرائض ; بدليل قوله : وخشوعهن ، والله تعالى أعلم . ( وأتم ركوعهن ) : بشرطه وسننه الفعلية والقولية ( وخشوعهن ) : قال ابن الملك : الخشوع حضور القلب وطمأنينة القلب . قال السيد : عطفه على الركوع إما للتأكيد والتقرير ، وقال في الكشاف ، قوله تعالى : واركعوا مع الراكعين الركوع : الخضوع والانقياد ، فيكون المعنى : فأتم خضوعهن بعد خضوع أي : خضوعا مضافا ، كقوله تعالى : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله كررها لشدة الخطب النازل ، وإما أن يراد بالركوع الأركان . أي : أتم أركانها ، وخص بالذكر تغليبا كما سميت الركعة ركعة ، وقيل : لكونه من خصوصياتنا إذ صلاة من قبلنا لا ركوع فيها ، على خلاف في ذلك ; ولأن أكثر الجاهلية يتساهلون فيه ولكونه كالمقدمة والوسيلة لغيره ، أو لكونه واسطة بين الأركان ، ففيه تنبيه نبيه على إتمام ما سواه بطريق المساواة ، والمراد بخشوعهن سكون الجوارح عن العبث ، والقلب عن أن يشتغل بغير ما هو فيه من صلاته بأن يكون متأملا لمعاني قراءته وأذكاره ، وللسبب الذي شرع كل ركن لأجله من القيام بين يدي الرب تعظيما وإجلالا ، ومن الركوع وهو الانقياد ظاهرا وباطنا ، ومن السجود وهو غاية التذلل والخضوع والانكسار ; بجعل أشرف ما فيه من الأعضاء على موطئ الأقدام والنعال ( كان له على الله عهد ) : أي : وعد ، والعهد : حفظ الشيء ومراعاته حالا فحالا ، سمى ما كان من الله تعالى على طريقة المجازاة لعباده عهدا على جهة مقابلة عهده على العباد ، ولأنه وعد القائمين بحفظ عهده أن لا يعذبهم ، ووعده حقيق بأن لا يخلفه ، فسمي وعده عهدا ; لأنه أوثق من كل وعد ( أن يغفر له ) : إما جملة محذوفة المبتدأ صفة عهد ، وإما بدل عن عهد ، وهو العقد والأمان والميثاق ، والمراد غفران الصغائر ( ومن لم يفعل : أي : مطلقا أو ترك الإحسان ( فليس له على الله عهد إن شاء غفر له ) : فضلا ( وإن شاء عذبه ) : عدلا ، وقدم مشيئة الغفران إيماء إلى أن رحمته سبقت غضبه ، ووكل أمر التارك إلى مشيئة الله تعالى تجويزا لعفوه ، ومن عادة الكرام المحافظة على الوعد والمسامحة في الوعيد ، والحديث صريح بأنه تعالى لا يجب عليه عقاب العاصي ، فلا يجب عليه إثابة المطيع ، إذ لا قائل بالفصل ، كذا نقله السيد عن الأزهار ، والحق الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الله تعالى لا يجب عليه لخلقه شيء ، بل له تعذيب المطيع والأطفال والمجانين وإيلامهم ، وإثابة الفاسق ، وإنما استثنى الكافر ; لقوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به وأما تحقيق خلف الوعيد ، ففي رسالة القول السديد . ( رواه أحمد ، وأبو داود ) واللفظ له ، وسكت عليه فهو صالح ، قاله ميرك . ( وروى مالك والنسائي ) : قال ميرك : وكذا ابن ماجه ( نحوه ) : أي : بمعناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية