صفحة جزء
5843 - وعن جابر رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله يحدث عن فترة الوحي ، قال : ( فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء ، فرفعت بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجئثت منه رعبا حتى هويت إلى الأرض ، فجئثت إلى أهلي ، فقلت : زملوني زملوني ، فزملوني ، فأنزل الله تعالى : ياأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ، ثم حمي الوحي وتتابع ) . متفق عليه .


5843 - ( وعن جابر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث عن فترة الوحي ) أي : انقطاعه أياما ثم حصوله متتابعا ( قال : ( فبينا ) : وفي نسخة : فبينما ( أنا أمشي ) أي : في أرض مكة بناء على إطلاقه ، أو فوق جبل حراء كما يدل عليه قوله الآتي : حتى هويت ( سمعت صوتا من السماء ، فرفعت بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجئت ) : بضم جيم وكسر همز وسكون مثلثة أي : فزعت وخفت ( منه ) أي : من الملك ( رعبا ) : بضم فسكون وبضمتين إما حال أي : ممتلئا رعبا أو مرعوبا كل الرعب والرعب : يتعدى ولا يتعدى ، أو مفعول مطلق أو مفعول لأجله ، فإن الفزع انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف ، وهو قريب من الجزع ، والرعب : الانقطاع من امتلاء الخوف ، كذا حققه التوربشتي وغيره من أتباعه ، والأظهر عندي أنه تمييز مؤكد ، ونظيره : ذرعها سبعون ذراعا ( حتى هويت ) : بفتح الواو أي : سقطت ونزلت ( إلى الأرض فجئت أهلي ) أي : أهل بيتي ( فقلت : زملوني زملوني ) أي : دثروني وثقلوني من الزاملة ، وهو ثقل المتاع ، والتكرير للتأكيد والتكثير ، ( فزملوني ، فأنزل الله تعالى ؟ ياأيها المدثر : بتشديد الدال والثاء أي المتدثر بمعنى المتزمل المتثقل ، ولهذا قيل معناه : يا أيها المتلبس بأعباء النبوة ، والمتحمل بأثقال الرسالة ( قم ) أي : بأمرنا ، أو دم على القيام بالطاعة مطلقا ، أو على قيام الليل المستفاد من قوله تعالى : ياأيها المزمل قم الليل ولذا قيل : إنه أمر بالقيام للنبوة وهذا أمر بالقيام للرسالة كما يشير إليه قوله : ( فأنذر ) أي : فأعلم الناس بالتخويف عن العذاب وبشر المؤمنين بأنواع الثواب فهو من باب الاكتفاء ، أو الاقتصار على الإنذار بناء على غلبة الكفار وعموم الفجار ، ( وربك فكبر ) أي : فخص ربك بوصف الكبرياء والعظمة ( وثيابك فطهر ) أي : من النجاسات ، ويؤخذ منه طهارة الباقي عن القاذورات بالأولى ، وقيل : معناه قصر ثيابك على ذكر المسبب وإرادة السبب ، مع ما فيه من الدلالة على التواضع الملائم للعبودية المناسب لما قبله من ظهور كبرياء الربوبية . ( والرجز ) : بكسر الراء وضمها أي : الشرك والعصيان ( فاهجر ) أي : فاتركه ، الظاهر أن هذا اقتصار من الراوي إذ تمامه ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر ( ثم حمي الوحي ) : بكسر الميم أي : اشتد حره ( وتتابع ) . أي : نزوله . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية