صفحة جزء
[ ص: 3743 ] [ 5 ] باب علامات النبوة

الفصل الأول

5852 - عن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه ، فصرعه ، فشق عن قلبه ، فاستخرج منه علقة فيقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأمه وأعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ، يعني ظئره فقالوا : إن محمدا قد قتل ، فاستقبلوه وهو منتقع اللون قال أنس : فكنت أرى أثر المخيط في صدره . رواه مسلم .


[ 5 ] - باب علامات النبوة

الفصل الأول

5852 - ( عن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان ) . بكسر الغين أي : الصبيان ( فأخذه ، فصرعه ) أي : فطرحه وألقاه على قفاه ( فشق عن قلبه ) ، أي : عن جانب قلبه وشقه ( فاستخرج ) : وفي جامع الأصول : واستخرجه فاستخرج ( منه علقة ) : بفتحتين أي : دما غليظا ، وهو أم المفاسد والمعاصي في القلب ( فقال : هذا حظ الشيطان منك ) ، أي : نصيبه لو دام معك ( ثم غسله ) أي : قلبه أو جوفه أو محل شقه ( في طست ) : بفتح الطاء ويكسر وبسين مهملة وتاؤه بدل من السين الأخيرة قال ابن الملك ، في شرح المشارق : الطست بفتح الطاء وفيها لغات : طس وطس وطست وطست وطسة وطسة بالفتح والكسر في جميعها وقوله : ( من ذهب ) : لعله اختير لما فيه من معنى الذهاب ، ولا ينافيه حرمة استعماله في الشريعة المطهرة ، ( ما لكون الملائكة غير مكلفين بأفعالنا ، أو لوقوعه قبل تقرير الأحكام ( بماء زمزم ) ، استدل به على أنه أفضل مياه العالم حتى ماء الكوثر ، لكن الماء الذي نبع من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم - فلا شك أنه أفضل المياه على الإطلاق ، لكونه من أثر يده الشريفة ، وماء زمزم من أثر قدم إسماعيل المنيفة ، وبون بين بينهما ، ولأن الإعجاز الكائن في يده صلى الله عليه وسلم أبلغ ، نعم قد يقال : ماء فمه المبارك أكمل من الكل ، ولو مزج بماء غيره ، ولعل ابن العارف بن الفارض أشار إليه بقوله :

عليك بها صرفا وإن شئت مزجها فعدلك عن ظلم الحبيب هو الظلم ( ثم لأمه ) : بلام فهمز أي : أصلح موضع شقه ( وأعاده ) أي : القلب المخرج على ما يدل عليه رواية الجامع السابقة ( في مكانه ) : والواو لمطلق الجمع ، فلا ينافيه أن الالتئام بعد الإعادة . قال التوربشتي : يقول لأمت الجرح والصدع إذا شددته فالتأم ، يريد أنه سواه وأصلحه ، ( وجاء الغلمان ) أي : الذين كانوا يلعبون معه في الصحراء ( يسعون ) أي : يسرعون ( إلى أمه ) أي : الرضاعية ( يعني أي : يريد أنس بأمه ( ظئره ) أي : مرضعته حليمة ( فقالوا : إن محمدا قد قتل ) ، لأن تصور حياته بعد شق البطن ومعالجاته من خوارق العادة وعلامة النبوة ، ( فاستقبلوه ) أي : توجه جمع من قومها إليه فرأوه ( وهو منتقع اللون ) . بفتح القاف أي : متغيره ففي القاموس انتقع لونه مجهولا إذا تغير وقال التوربشتي : يقال انتقع لونه إذا تغير من حزن أو فزع ، وكذلك امتقع بالميم ، وهذا الحديث وأمثاله مما يجب فيه التسليم ، ولا يتعرض له بتأويل من طريق المجاز ، إذ لا ضرورة في ذلك ، إذ هو خبر صادق مصدوق عن قدرة القادر اهـ . وزبدة ما قيل فيه صار بهذا مقدس القلب منوره ، ليستعد لقبول الوحي ، ولا يتطرق إليه هواجس النفس ، ويقطع طمع الشيطان عن إغفاله ، كما يشير إليه قوله : هذا حظ الشيطان منك .

( قال أنس : فكنت أرى أثر المخيط ) : بكسر الميم أي : الإبرة ( في صدره ) . ولعل مراده كذا أن أمر الشق كان حسيا لا معنويا ، واختلف هل كان شق الصدر وغسله مختصا به ، أو وقع لغيره من الأنبياء أيضا ، وقد وقع الشق له صلى الله عليه وسلم مرارا ، فعند حليمة ، وهو ابن عشر ، ثم عند مناجاة جبريل عليه السلام له بغار حراء ، ثم في المعراج ليلة الإسراء . ( رواه مسلم ) . وكذا النسائي .

[ ص: 3744 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية