صفحة جزء
[ ص: 3835 ] باب الكرامات

الفصل الأول

5944 - عن أنس - رضي الله عنه - أن أسيد بن حضير وعباد بن بشر تحدثا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة لهما ، حتى ذهب من الليل ساعة ، في ليلة شديدة الظلمة ، ثم خرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقلبان ، وبيد كل واحد منهما عصية ، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا في ضوئها ، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه ، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله ، رواه البخاري .
[ 8 ] باب الكرامات

الكرامات ، جمع كرامة وهي اسم من الإكرام والتكريم ، وهي فعل خارق للعادة غير مقرون بالتحدي ، وقد اعترف بها أهل السنة ، وأنكرها المعتزلة ، واحتج أهل السنة بحدوث الحبل لمريم من غير فحل ، وحصول الرزق عندها من غير سبب ظاهر ، وأيضا ففي قصة أصحاب الكهف في الغار ثلاثمائة سنة وأزيد في النوم أحياء من غير آفة دليل ظاهر ، وكذا في إحضار آصف بن برخيا عرش بلقيس قبل ارتداد الطرف حجة واضحة ، وأما المعتزلة فتعلقوا بأنه لو جاز ظهور الخارق في حق الولي لخرج الخارق عن كونه دليلا على النبوة ، وأجيب : بأنه تمتاز المعجزة عن الكرامة باشتراط الدعوى في المعجزة وعدم اشتراطها في الكرامة ، بل في الحقيقة كرامة كل ولي معجزة لنبيه لدلالتها على حقيقة متبوعة ، وأما قول ابن الملك وبقدرة الأنبياء عليها متى أرادوها ليسهل عليهم تمهيد الأديان والشرائع ، ففيه نظر ظاهر .

الفصل الأول

5944 - ( عن أنس - رضي الله عنه - أن أسيد بن حضير : بالتصغير فيهما . قال المؤلف : أنصاري أوسي ، كان ممن شهد العقبة وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد ، روى عنه جماعة من الصحابة ، مات بالمدينة سنة عشرين ودفن بالبقيع ، ( وعباد ) : بفتح العين وتشديد الموحدة ( ابن بشر ) : بكسر فسكون أنصاري أسلم بالمدينة قبل إسلام سعد بن معاذ شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها ، وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي ، وكان من فضلاء الصحابة ، روى عنه أنس بن مالك ، وعبد الرحمن بن ثابت ، وقتل يوم اليمامة وله خمس وأربعون سنة . ( تحدثا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة لهما ، حتى ذهب ساعة من الليل ) ، أي طويلة ( في ليلة شديدة الظلمة ، ثم خرجا ) ، أي : انصرفا ( من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقلبان ) ، أي حال كونهما يرجعان ( إلى بيتهما ، وبيد كل واحد منهما عصية ) ، تصغير عصاة ( فأضاءت عصاة أحدهما لهما ) : والأظهر أن يكون هو أسبقهما إسلاما وهو المقدم ذكرا ( حتى مشيا في ضوئها ، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه ، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ ) ، أي : وصل كل واحد ( أهله ، رواه البخاري ) . قال ميرك : ليس الحديث في البخاري بهذا اللفظ ، بل فيه عن أنس أن رجلين كانا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ، ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما ، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله ، وأخرجه في آخر باب علامات النبوة في الإسلام .

وأخرج في كتاب مناقب الأنصار في باب مناقب أسيد بن حضير وعبادة بن بشر بلفظ : إن رجلين خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ، فإذا نور بين أيديهما حتى افترقا ، فافترق النور معهما . وقال معمر عن ثابت عن أنس : إن أسيد بن حضير ، ورجلا من الأنصار . وقال حماد : أخبرنا ثابت عن أنس قال : كان أسيد بن حضير وعبادة بن بشر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا ما في صحيح البخاري ، وقد رواه محيى السنة في شرح السنة من طريق البخاري باللفظ الأول ، ثم رواه بإسناد آخر باللفظ الذي أورده صاحب المشكاة فتأمل ، ويفهم من كلام الشيخ ابن حجر العسقلاني أن اللفظ الذي أورده المصابيح والمشكاة ، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه من طريق الإسماعيلي في مستخرجه ، ورواه أحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه بنحوه ، والله أعلم .

[ ص: 3836 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية