صفحة جزء
( 2 ) باب تعجيل الصلوات

الفصل الأول

587 - عن سيار بن سلامة ، قال : دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي ، فقال له أبي : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة ؟ فقال : كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس ، ويصلي‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ العصر‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية ، ونسيت ما قال في المغرب ، وكان يستحب أن يؤخر الفيء التي تدعونها العتمة ، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها ، وكان ينتقل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه ويقرأ بالستين إلى المائة . وفي رواية : ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل ، ولا يحب النوم قبلها والحديث بعدها . متفق عليه .


( 2 ) باب تعجيل الصلوات

وفى نسخة : الصلاة ، والمراد بها جنس الصلاة المكتوبة ، يعني : أن الأصل في الصلاة تعجيلها والمبادرة إليها ; لقوله تعالى : وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ولقوله تعالى : فاستبقوا الخيرات إلا ما خصه الشارع لحكمة اقتضت تأخيرها .

الفصل الأول

587 - ( عن سيار ) : بتشديد الياء التحتية ( بن سلامة ) : بصري تميمي ، من مشاهير التابعين ، سمع أبا هريرة ، وأبا العالية ، وسمع منه عوف ، وشعبة ( قال : دخلت أنا وأبي على أبي برزة ) : بفتح الموحدة ( الأسلمي ) : هو نضلة بن عبيد ( فقال له أبي : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة ؟ ) : أي : المفروضة باعتبار أوقاتها ( فقال : كان يصلي الهجير ) : في النهاية : الهجر والهاجر اشتداد الحر في نصف النهار ( التي تدعونها ) : أي : تسمونها . في الفائق : أنث صفة الهجير أعني : الموصول ; لكون الصلاة مرادة ، وقيل : أنثها ؛ لأنها في معنى الهاجرة أو التقدير : صلاة الهجير ، وقيل : الهجير هو صلاة الظهر في لغة بعض العرب ، سمي به ؛ لأنها تصلى في الهاجرة ( الأولى ) : في النهاية لأنها أول صلاة ظهرت وصليت . وقال القاضي : لأنها أول صلاة النهار يعني العرفي ( حين تدحض الشمس ) : بفتح الحاء من : دحضت رحله إذا زلقت ، أي تزول عن وسط السماء إلى جهة [ ص: 525 ] المغرب ؛ لأنها إذا انحطت للزوال كأنها دحضت ، وقال ابن الملك ، وتبعه ابن حجر : غرض الراوي أن يعرف المخاطبين أن الهجير والأولى والظهر واحد ( ويصلي العصر ثم يرجع ) : أي : بعد الصلاة ( أحدنا إلى رحله ) : أي : منزله ( في أقصى المدينة ) : صفة لرحله ، وليس بظرف للفعل . أي : الكائن في أبعد المدينة وآخرها ( والشمس حية ) : الجملة حالية : أي : صافية اللون عن التغيير والاصفرار ، فإن كل شيء ضعفت قوته ، فكأنه قد مات . قال في المفاتيح : حياة الشمس مستعارة عن بقاء لونها وقوة ضوئها وشدة حرها . قال الطيبي : وكأنه جعل المغيب موتها ( ونسيت ) : أي : قال سيار على ما هو الظاهر ، وفي المصابيح : قال عوف ، قيل هو الراوي عن أبي برزة وهو سهو ، إذ هو راو عن سيار ( ما قال ) : أي : أبو برزة ، قاله الطيبي ، وابن حجر ، وعلى ما في المصابيح : ينبغي أن يكون القائل سيارا ( في المغرب ) : أي : في حق صلاته ( وكان ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم وهو عطف على كان يصلي ( يستحب ) : بفتح الياء وكسر الحاء ( أن يؤخر ) : على بناء المعلوم أو المجهول ( العشاء التي تدعونها العتمة ) : قال الخليل : العتمة هي الظلمة التي بعد غيبوبة الشفق ، ذكره الطيبي . قال ابن حجر : فائدة الوصف هنا نظير ما مر في الأول ، ولما يأتي أن الأعراب كانوا لا يعرفونها إلا بالعتمة ، وليس فيهتسمية العشاء عتمة التي هي مكروهة عندنا لخبر مسلم : لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ، ألا إنها العشاء ، الحديث . وتسميتها عتمة في خبر : لو تعلمون ما في الصبح والعتمة لبيان الجواز ، وأن النهي في خبر مسلم المذكور للتنزيه ، أو أنه خاطب به من لا يعرف العشاء ، ولا يكره أن يقال لها العشاء الأخيرة ، وإنكار الأصمعي له غلط فقد صح الحديث به اهـ .

والمستحب تأخيرها إلى ثلث الليل أو نصفه على ما ورد في بعض الأحاديث . ( وكان ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( يكره النوم قبلها ) : لخوف الفوت ( والحديث بعدها ) : أي : التحدث بكلام الدنيا ليكون ختم عمله على عبادة ، وآخره ذكر الله ، فإن النوم أخو الموت ، وفي شرح السنة ، أكثرهم على كراهة النوم قبل العشاء ، ورخص بعضهم ، وكان ابن عمر يرقد قبلها ، وبعضهم رخص في رمضان . قال النووي : إذا غلبه النوم لم يكره له إذا لم يخف فوات الوقت ، وأما الحديث ، فقد كرهه جماعة منهم : سعيد بن المسيب . قال : لأن أنام عن العشاء أحب إلي من اللغو بعدها ، ورخص بعضهم التحدث في العلم ، وفيما لا بد منه من الحوائج ومع الأهل والضيف . وروى أحمد في مسنده ، والبزار ، والطبراني ، عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرض بيت شعر بعد العشاء الأخيرة لم تقبل له صلاة تلك الليلة " وخص ذلك بالشعر المذموم ، وفي خبر أحمد : لا سمر إلا لمصل ومسافر . قال النووي : ومن المحرم قراءة نحو : سيرة البطال ، وعنترة ، وغيرها من الأخبار الكاذبة . وأما الحديث في خير أو لعذر فلا كراهة فيه ( وكان ينفتل ) : أي : ينصرف أو يلتفت إلى المأمومين ( من صلاة الغداة ) : أي : الصبح ( حين يعرف الرجل جليسه ) : أي : مجالسه بجنبه ( ويقرأ ) : أي : في الصبح ( بالستين ) : أي : آية ، والباء زائدة . وقيل : معناه أنه كان يقرأ كذا القدر من الآيات في الصلاة ، وربما يزيد ( إلى المائة ) : قال ابن الملك : وهذا أنسب بمذهب أبي حنيفة .

( وفي رواية ) : أي : للشيخين ( ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل ) : بل يستحبه لما تقدم ( ولا يحب النوم قبلها والحديث بعدها . متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

[ ص: 526 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية