صفحة جزء
5957 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس على المنبر فقال : ( إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) . فبكى أبو بكر قال : فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، فعجبنا له ، فقال الناس : انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده ، وهو يقول : فديناك بآبائنا وأمهاتنا ! ! فكان رسول الله هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . متفق عليه .


5957 - ( وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس على المنبر ) ، أي : في مرضه الذي مات فيه كما في رواية ، وفي أخرى كان هذا قبل أن يموت بخمس ليال ( فقال : إن عبدا ) ، أي : عظيما كما يدل عليه قوله : ( خيره الله ) ، أي : جعله مخيرا ( بين أن يؤتيه ) ، أي : يعطيه ( من زهرة الدنيا ) : بفتح الزاي ، أي : بهجتها وحسنها وزينتها ( ما شاء ) : مفعول مؤخر عن مبينه ، والمعنى مقدار ما أراد من طول العمر والبقاء في الدنيا والتمتع بها ( وبين ما عنده ) ، أي : الله سبحانه مما أعد له من أنواع النعيم المقيم ولذة اللقاء من الوجه الكريم ، ( فاختار ما عنده ) ، أي : لأنه خير وأبقى ( فبكى أبو بكر ) ، أي : لكمال فهمه وإدراكه حيث عرف مفارقته - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا بقرينة المرض ، أو لأن اختيار ما عند الله وترك زهرة الدنيا بحسب الظاهر من مقدمات مراتب الأولياء ، ومن المعلوم أنه لا يناسب مقام سيد الأنبياء ، فانتقل إلى أن معناه بطريق الإشارة اختيار الموت واللقاء وترك الحياة والبقاء ( قال ) : استئنافا ( فديناك بآبائنا وأمهاتنا ) ، أي : معهم لو كان ينفع الفداء .

قال الراوي : ( فعجبنا له ) ، أي : لأبي بكر حيث يفديه ولا هناك باعث يقتضيه ، وما ذاك إلا لعدم فهمهم ما فهمه من الإشارة لتقيدهم بظاهر العبارة . ( فقال الناس ) ، أي : بعضهم لبعض ( انظروا ) ، أي : نظر تعجب ( إلى هذا الشيخ ) ، أي : مع كبره المقتضي لوقاره ، وريادة عقله وفهمه ( يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبد ) ، أي : منكر غير معين ( خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده ، وهو ) ، أي : الشيخ ( يقول فديناك بآبائنا وأمهاتنا ) ! ! أي : ومثل هذا ما يقال إلا لعظيم يريد الانتقال من الدنيا إلى العقبى ، قال أبو سعيد : ( فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المخير ) ، بالنصب وهو ضمير الفصل ، وفي نسخة بالرفع وله وجه ، والمعنى فظهر لنا في آخر الأمر أنه - صلى الله عليه وسلم - كان العبد المخير ( وكان أبو بكر أعلمنا ) . أي : أكثر علما منا حيث علم أولا أن المخير هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعلم اسم تفضيل ، ولا يبعد أن يكون فعلا ماضيا أي : وقد كان أعلمنا بالقضية لكنا ما فهمناها بالكلية . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية