صفحة جزء
5958 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد بعد ثمان سنين ، كالمودع للأحياء والأموات ، ثم طلع المنبر فقال : ( إني بين أيديكم فرط ، وأنا عليكم شهيد ، وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه وأنا في مقامي هذا ، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكنى أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها ) . وزاد بعضهم : ( فتقتتلوا ، فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم ) . متفق عليه .


5958 - ( وعن عقبة بن عامر ) ، جهني ، روى عنه نفر من الصحابة وخلق كثير من التابعين ، ذكره المؤلف في الصحابة ( قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد ) : جمع قتيل ، والمراد بهم الشهداء ( بعد ثمان سنين ) ، أي : من دفنهم ، فقيل : صلى عليهم صلاة الجنازة ، وهو الظاهر المتبادر ، فهو من خصوصياته أو خصوصيتهم . وقال الشافعي : المراد بالصلاة الدعاء ( كالمودع للأحياء والأموات ) ، قال المظهر ، أي : استغفر لهم ، واستغفاره لهم كالوداع للأحياء والأموات ، فبخروجه من بينهم ، وأما الأموات فبانقطاع دعائه واستغفاره لهم ، قال السيوطي : وذلك قرب موته - صلى الله عليه وسلم - ( ثم طلع المنبر فقال : ( إني بين أيديكم فرط ) ، بفتح الفاء والراء ، وهو الذي يتقدم الواردة فيهيء لهم الرشاء والدلاء ويسقي لهم ، وهو فعل بمعنى فاعل كتبع بمعنى تابع ، يريد أنه شفيع لهم لأنه يتقدمهم ، والشفيع يتقدمهم على المشفوع ، وقد روى الترمذي في الشمائل عن ابن عباس يحدث أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة ) فقالت له عائشة : فمن كان له فرط من أمتك ؟ قال ( ومن كان له فرط يا موفقة ) قالت : فمن لم يكن له فرط من أمتك ؟ قال : ( فأنا فرط لأمتي لن يصابوا بمثلي ) . ( وأنا عليكم شهيد ) ، أي : مطلع على أحوالكم إذ تعرض علي أعمالكم ، أو أنا شاهد لكم ومثن عليكم ( وإن موعدكم ) ، أي : مكان وعدكم للشفاعة الخاصة بكم في يوم الجمع ( الحوض ) ، أي : وروده ، فإنه حينئذ يتميز الخبيث من الطيب .

[ ص: 3845 ] والمنافق من المؤمن ، فتكون الشفاعة لأمة الإجابة ( وإني لأنظر ) ، أي : الآن ( إليه ) ، أي : إلى الحوض ( وأنا في مقامي هذا ) ، أي : فوق المنبر وهو على ظاهره ، وكأنه كشف له عنه في تلك الحالة ( وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ) ، أي : ستفتح لأمتي خزائن الأرض بفتح بلادها وإيمان عبادها ، ( وإني لست أخشى عليكم ) ، أي : على مجموعكم ( أن تشركوا بعدي ) ; لأن ذلك قد وقع من بعض ( ولكني قد أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا ) : بحذف إحدى التاءين أي ترغبوا ( فيها ) . رغبة الشيء النفيس ، وتميلوا إليها كل الميل ، فإن المنافسة لا تناسب النعم الفانية ، بل تختص بالأمور الباقية ، ولذا قال تعالى : وفي ذلك فليتنافس المتنافسون أي : المؤمنون الكاملون ( وزاد بعضهم ) ، أي : بعض الرواة على ما سبق قوله : ( فتقتتلوا ) ، أي : يقتل بعضكم بعضا للملك والمال ( فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم ) . أي : في المال بأسوأ الحال . قال النووي : فيه معجزات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض وقد وقع ذلك . وأنهم لا يرتدون ، وقد عصمهم الله - تعالى - من ذلك وأنهم يتنافسون في الدنيا وقد وقع ذلك . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية