صفحة جزء
[ 4 ] باب مناقب عمر - رضي الله عنه - الفصل الأول

6035 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر ) . متفق عليه .


[ 4 ] باب مناقب عمر - رضي الله عنه - الفصل الأول

6035 - ( عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لقد كان فيما قبلكم من الأمم ) : بيان لما بمعنى ( من ) أي في الذين كانوا قبلكم ( محدثون ) : بفتح الدال المشددة أي : ناس ملهمون كما فسر به ابن وهب . ( فإن يك في أمتي أحد ) أي : واحد منهم فرضا وتقديرا ( فإنه عمر ) . أي وإن يك أكثر فهو حينئذ أولى وأظهر . قال التوربشتي : المحدث في كلامهم هو الرجل الصادق الظن وهو في الحقيقة من ألقي في روعه .

[ ص: 3893 ] شيء من قبل الملأ الأعلى ، فيكون كالذي حدث به . وفي قوله : فإن يك في أمتي أحد فهو عمر لم يرد هذا القول مورد التردد ، فإن أمته أفضل الأمم وإن كانوا موجودين في غيرهم من الأمم ، فبالحري أن يكونوا في هذه الأمة أكثر عددا وأعلى رتبة ، وإنما ورد مورد التأكيد والقطع به ، ولا يخفى على ذي الفهم محله من المبالغة كما يقول الرجل : إن يكن لي صديق فإنه فلان يريد بذلك اختصاصه بالكمال في صداقته لا نفي الأصدقاء اه . وتوضيحه أنك لا تريد بذلك الشك في صداقته والتردد في أنه هل لك صديق بل المبالغة في أن الصداقة مختصة به لا تتخطاه ، وقيل : هو على ظاهره لأن الحكمة في كونهم في بني إسرائيل احتياجهم إلى ذلك حيث لا يكون بينهم نبي وكتبهم طرأ عليها التبديل ، واحتمل عنده - صلى الله عليه وسلم - أنه لا تحتاج هذه الأمة إلى ذلك لاستغنائها بالقرآن المأمون تبديله وتحريفه . ذكره السيوطي . قال الطيبي : هذا الشرط من باب قول الأجير : إن كنت عملت لك فوفني حقي وهو عالم بذلك ، ولكنه يخيل في كلامه أن تفريطك في الخروج عن الحق فعل من له شك في الاستحقاق مع وضوحه ، والمراد بالمحدث الملهم المبالغ فيه الذي انتهى إلى درجة الأنبياء في الإلهام ، فالمعنى لقد كان فيما قبلكم من الأمم أنبياء يلهمون من قبل الملأ الأعلى ، فإن في أمتي أحد هذا شأنه فهو عمر جعله لانقطاع قرينه وتفوقه على أقرانه في هذا ، كأنه تردد في أنه هل هو نبي أم لا . فاستعمل ( إن ) ويؤيده ما ورد في الفصل الثاني : لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب ، فلو في هذا الحديث ، بمنزلة إن على سبيل الفرض والتقدير ، كما في قول عمر - رضي الله عنه - : نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه . ( متفق عليه ) . قال ميرك : ولفظه للبخاري ولمسلم نحوه عن عائشة .

ومن العجب أن الحاكم أخرج حديث عائشة في مناقب عمر مستدركا على مسلم في كونه لم يخرجه ، وقد أخرجه في ( المناقب ) أيضا . قلت : وقد سبق عنه الجواب والله أعلم بالصواب . ثم لفظ الحديث في الجامع : ( قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس محدثون ، فإن يك في أمتي منهم أحد فإنه عمر بن الخطاب ) . رواه أحمد والبخاري عن أبي هريرة ، وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن عائشة ، ففي قول المصنف متفق عليه مسامحة لا تخفى ، كما أشار إليه ميرك ، ثم اعلم أن لفظ أحمد ومسلم عن عائشة قد كان يكون في الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فهو عمر بن الخطاب ، ذكره في الرياض . ثم قال : وأخرجه الترمذي وصححه أبو حاتم ، وخرجه البخاري عن أبي هريرة ، وخرج عنه من طريق آخر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لقد كان فيمن قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر ) ومعنى محدثون - والله أعلم - ملهمون الصواب ، ويجوز أن يحمل على ظاهره بأن تحدثهم الملائكة لا بوحي ، بل بما يطلق عليه اسم حديث وتلك فضيلة عظيمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية