صفحة جزء
6095 - وعن علي - رضي الله عنه - قال : كنت إذا سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاني وإذا سكت ابتدأني . رواه الترمذي قال : هذا حديث غريب .


6095 - ( وعن علي - رضي الله عنه - قال : كنت إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، أي : طلبت ( شيئا أعطاني ) ، أي : المسئول أو جوابه ( وإذا سكت ابتدأني ) ، أي : بالتكلم أو الإعطاء ، ففيه إشعار بأن حسن الأدب هو السكوت وتفويض الأمر الموجب للتعظيم المتفرع عليه الإقبال المنتج للإعطاء أولا . ويؤيده حديث : من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين . ومما يدل على كرمه وزهده ما ذكره أصحاب المناقب عن علي قال : لقد رأيتني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع ، وإن صدقتي اليوم أربعون ألفا . وفي رواية : إن صدقة مالي لتبلغ أربعين ألف دينار أخرجهما أحمد ، وربما يتوهم أن مال علي تبلغ زكاته هذا القدر ، وليس كذلك فإنه كان أزهد الناس ، فقيل معناه أن الذي تصدقت به منذ كان لي مال إلى اليوم كذا وكذا ألفا ، ثم ذكره لذلك إنما هو في معرض الشكر على هذه الخلة وعدم الاكتراث بما خرج لله تعالى ، وأن إخراجه أبلغ في الزهد من عدمه وأبعد من قال ، ويحتمل أن يكون في معرض التوبيخ لنفسه تنتقل الحال إلى مثل هذا بعد ذلك الحال .

وعن سهل بن سعد أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة والحسن والحسين يبكيان فقال : ما يبكيهما ؟ قالت الجوع فخرج علي فوجد دينارا في السوق ، فجاء إلى فاطمة فأخبرها فقالت : اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا به دقيقا ، فجاء إلى اليهودي فاشترى به دقيقا فقال اليهودي : أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله ؟ قال : نعم ( قال : فخذ دينارك ولك الدقيق ، فخرج علي حتى جاء به فاطمة فأخبرها فقالت : اذهب إلى فلان الجزار فخذ بدرهم لحما ، فذهب فرهن الدينار بدرهم على لحم ، فجاء به ، فعجنت ونصبت وخبزت فأرسلت إلى أبيها فجاءهم ، فقالت : يا رسول الله أذكر لك فإن رأيته حلالا أكلنا وأكلت من شأنه كذا . قال كلوا باسم الله ، فأكلوا فبينما هم مكانهم إذا غلام ينشد الله والإسلام للدينار ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعي له فسأله فقال : سقط مني في السوق ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يا علي اذهب إلى الجزار فقل : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك : أرسل إلي بالدينار ودرهمك علي فأرسل به فدفع إليه . أخرجه أبو داود .

ومما يدل على تواضعه ما أخرجه البغوي في معجمه عن أبي صالح بياع الأكسية عن جده قال : رأيت عليا اشترى تمرا بدرهم ، فحمله في ملحفته ، فقيل : يا أمير المؤمنين ألا نحمله عنك ؟ قال : أبو العيال أحق بحمله . وعن زيد بن وهب أن الجعد بن بعجة من الخوارج عاتب عليا في لباسه فقال : ما لي وللباس هذا هو أبعد من الكبر ، وأجدر أن يقتدي به المسلم . أخرجه أحمد ، وصاحب الصفوة .

وما يدل على ورعه ما أخرجه أحمد عن عبد الله بن زرير قال : دخلت على علي يوم الأضحى فقرب إلينا حريرة فقلت : أصلحك الله لو قربت إلينا من هذا البط يعني الإوز فإن الله قد أكثر الخير فقال : يا ابن زرير سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يحل لخليفة من مال الله إلا قصعتان قصعة يأكلها هو وأهله وقصعة يضعها بين أيدي الناس " . وعن علي بن أبي ربيعة ، أن علي بن أبي طالب جاءه ابن التياح فقال : يا أمير المؤمنين امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء . قال : الله أكبر ، فقام متوكئا على ابن التياح حتى قام ، وأمر فنودي

[ ص: 3940 ] في الناس ، فأعطى جميع ما في بيت مال المسلمين وهو يقول : يا صفراء يا بيضاء غري غيري ها وها حتى ما بقي منه دينار ولا درهم ، ثم أمر بنضحه وصلى فيه ركعتين ، أخرجه أحمد في المناقب ، وفي رواية عند أحمد : فصلى فيه رجاء أن يشهد له يوم القيامة ، وعن علي قال : جعت بالمدينة جوعا شديدا ، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة ، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا فظننتها تريد بله فأتيتها فعاطيتها كل دلو بتمرة ، فعددت ستة عشر ذنوبا حتى مجلت يدي ، ثم أتيتها فقلت بكلتي يدي هكذا بين يديها . وبسط إسماعيل راوي الحديث يديه جميعا فعدت لي ستة عشر تمرة ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فأكل معي منها ، وقال لي خيرا ودعا لي . أخرجه أحمد في المناقب ، وصاحب الصفوة والفضائلي . ( رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب ) . وأخرج ابن سعد عن علي أنه قيل له : ما لك أكثر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : إني كنت إذا سألته أتاني . وإذا سكت ابتدأني .

التالي السابق


الخدمات العلمية