صفحة جزء
6137 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال : لما توفي إبراهيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن له مرضعا في الجنة " . رواه البخاري .


6137 - ( وعن البراء قال : لما توفي إبراهيم ) ، أي : ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - من مارية القبطية سريته ولد بالمدينة في ذي الحجة سنة ثمان ومات وله ستة عشر شهرا ، وقيل ثمانية عشر ، ودفن بالبقيع عند عثمان بن مظعون عمه الرضاعي ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن له مرضعا ) : بضم الميم وكسر الضاد أي من يكمل رضاعه ، وفي نسخة صحيحة بفتحهما أي : موضع رضاع كامل ( في الجنة ) . فيه دلالة ظاهرة أن أرباب الكمال يدخلون الجنة في الحال عقيب الانتقال ، وأن الجنة الموعودة مخلوقة موجودة . قال الخطابي ؟ هذا يروى على وجهين . أحدهما : مرضعا بفتح الميم أي رضاعا ، والآخر مضمومة الميم أي من يتم رضاعه . يقال : امرأة مرضع بلا هاء ، وأرضعت المرضعة ، فهي مرضعة إذا نيب الاسم من الفعل . قال التوربشتي : أصوب الروايتين الفتح ; لأن العرب إذا أرادوا الفعل ألحقوا به هاء التأنيث ، وإذا أرادوا أنها ذات رضيع أسقطوا الهاء فقالوا : امرأة مرضع بلا هاء ، ولما كان المراد من هذا اللفظ أن الله يقيم له من لذات الجنة وروحها ما يقع منه موقع الرضاع ، فكأنه كان رضيعا لم يستكمل مدة الرضاع كان المصدر فيه أقوم وأصوب ، ولو كان على ما ذكره من الرواية لكان من حقه أن يلحق به هاء التأنيث .

قال الطيبي : هذا إذا أريد تصوير حالة الإرضاع وإلقام المرضعة الثدي في في الصبي في مشاهدة السامع ، كأنه ينظر إليها وإلا فلا . الكشاف ، في قوله تعالى : تذهل كل مرضعة عما أرضعت فإن قيل : لم قيل مرضعة دون مرضع ؟ قلت : المرضعة التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي ، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به ، فقيل : مرضعة ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته من فيه لما يلحقها من الدهشة عما أرضعت أي : عن إرضاعها ، أو عن الذي أرضعته ، وهو الطفل ، ووجهه القاضي في شرحه مجيبا عنه بقوله : أو أن له من يقوم مقام المرضعة في المحافظة والأنس اهـ . ولا يخفى أن ارتكاب المجاز غير جائز مع إمكان الحقيقة ، بل لأجل المبالغة في تحقق الإرضاع ، عبر عن المرضع بالمرضعة إيماء إلى أن حالة إرضاعه أمر مشاهد له - صلى الله عليه وسلم - ( رواه البخاري ) .

[ ص: 3964 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية