صفحة جزء
6139 - وعن المسور بن مخرمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها أغضبني " . وفي رواية : " يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما أذاها " . متفق عليه .


6139 - ( وعن المسور بن مخرمة ) . سبق ذكره ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " فاطمة ) وفي رواية : أن فاطمة ( " بضعة " ) : بفتح موحدة أي قطعة لحم ( " مني " ) : وقد تكسر الياء على ما في النهاية ، وفي القاموس : البضعة بفتح الموحدة ، وحكي ضمها وكسرها وسكون المعجمة قطعة من اللحم ، والمعنى أنها جزء مني كما أن القطعة جزء من اللحم ، ونعم ما قال الإمام مالك : ولا أفضل أحدا على بضعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( " فمن أغضبها أغضبني " ) ، أي : فكأنه أغضبني ، ففيه نوع من التشبيه البليغ ، فاندفع ما استدل به السهيلي على أن من سبها يكفر ، إذ لا يخفى أن مثل هذا الكلام محمول على المبالغة في مقام المرام ، ومنه قوله - عليه السلام - على ما رواه ابن عساكر ، عن علي : " من آذى مسلما فقد آذاني ، من آذاني فقد آذى الله " . ومنه ما رواه أحمد والبخاري في تاريخه ، عن معاوية ، وابن حبان ، عن البراء : " من أحب الأنصار فقد أحبه الله ، ومن أبغض الأنصار أبغضه الله " . ومنه ما رواه الطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعا : " حب قريش إيمان وبغضهم كفر ، وحب العرب إيمان وبغضهم كفر ، فمن أحب العرب فقد أحبني ومن أبغض العرب فقد أبغضني . ( وفي رواية ) ، أي : بعد قوله : فقد أغضبني أو زيادة عليه ( " يريبني " ) : من الإرابة بالموحدة أي : يقلقني في الظاهر ( " ما أرابها ، ويؤذيني " ) ، أي في الباطن ( " ما آذاها " ) . في شرح السنة رابني الشيء وأرابني بمعنى شككني وأدهمني ما استيقنه . قال الطيبي : بغير ألف معناه يسوءني ما يسوءها ويزعجني ما أزعجها . قلت : الظاهر أنهما لغتان ، والمزيد له مزية ومناسبة لقوله ما أرابها ، ويؤيده اتفاق النسخ على الضم ، والله أعلم . ثم أول الحديث قال مسور : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو على المنبر : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا علي بن أبي طالب ولا آذن ثم [ ص: 3966 ] لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم ، فإنما هي بضعة مني يريبني . الحديث . وفي شرح مسلم قالوا في الحديث تحريم إيذاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بكل حال وعلى كل وجه وإن تولد الإيذاء مما كان أصله مباحا وهو من خواصه - صلوات الله وسلامه عليه - وهو لوجهين . أحدهما : أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهلك علي - رضي الله عنه - من أذاه ، فنهى عن ذلك لمكان شفقته على علي . وثانيهما : أنه خاف الفتنة عليها بسبب الغيرة ، وقيل : ليس المراد بقوله لا آذن النهي عن جمعهما ، بل معناه أنه - صلى الله عليه وسلم - علم من فضل الله تعالى أنهما لا يجتمعان . كما قال أنس بن النضر : والله لا تكسر ثنيتها . ( متفق عليه ) . وفي لفظ الذخائر عن المسور بن مخرمة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وهو يقول : " إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم ، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها . أخرجه الشيخان والترمذي وصححه .

وعن المسور أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل ، وعنده فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت له : إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك ، وهذا علي ناكح ابنة أبي جهل . قال المسور : فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته حين تشهد ثم قال : " أما بعد فإني أنكحت أبا العاص بن الزبير فحدثني وصدقني ، وإن فاطمة بضعة مني وإنما أكره أن يفتنوها وإنه والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا . قال : فترك علي الخطبة . وعنه قال : سمعت رسول - صلى الله عليه وسلم - قام يخطب على منبره هذا ، وأنا يومئذ محتلم فقال : " إن فاطمة مني وإني أخاف أن تفتن في دينها " . ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن ، قال : " حدثني فصدقني ووعدني فأوفى لي وإنما لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا . وعن يحيى بن سعيد القطان قال : ذاكرت عبد الله بن داود قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا آذن إلا أن يحب علي أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم " قال ابن داود : حرم الله على علي أن ينكح على فاطمة حياتها لقوله - عز وجل - : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فلما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا آذن " لم يكن يحل لعلي أن ينكح على فاطمة إلا أن يأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وسمعت عمر بن داود يقول : لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها " حرم الله على علي أن ينكح على فاطمة ويؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقول الله تعالى : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله أخرجهما الحافظ أبو القاسم الدمشقي .

وعن المسور بن مخرمة أنه بعث إليه حسن بن الحسن يخطب ابنته فقال له : فليأتني في العتمة ، فلقيه فحمد المسور الله - عز وجل - وأثنى عليه وقال : أما بعد فما من نسب ولا سبب ولا صهر أحب إلي من نسبكم وصهركم ، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع إلا نسبي وسببي وصهري " . وعندك ابنته ولو زوجتك لقبضها ذلك ، فانطلق عاذرا . أخرجه أحمد ، وفيه دليل على أن الميت يراعى منه ما يراعى في الحي ، وقد ذكر الشيخ أبو علي السنجي في شرح التلخيص ، أنه يحرم التزويج على بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولعله يريد من ينتسب إليه بالنبوة ، ويكون هذا دليله . وفي الجامع : " فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ، يبسطني ما يبسطها وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري " . رواه أحمد والحاكم . وعن المسور : " فاطمة أحب إلي منك وأنت أعز علي منها " قاله لعلي . رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة . وفي الصواعق : روي عن أبي أيوب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا أهل الجمع نكسوا رءوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط " فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق .

التالي السابق


الخدمات العلمية