صفحة جزء
6145 - وعن عبد الرحمن بن أبي نعم ، قال : سمعت عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وسأله رجل عن المحرم ، قال شعبة أحسبه ، يقتل الذباب ؟ قال : أهل العراق يسألوني عن الذباب . وقد قتلوا ابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هما ريحاني من الدنيا " . رواه البخاري .


6145 - ( وعن عبد الرحمن بن أبي نعم ) : بضم نون وسكون عين كذا في المغني ، وكذا في النسخ المعتمدة وسائر النسخ الحاضرة ، ولم يذكره المؤلف في أسمائه بل ذكر عبد الرحمن بن أبي غنم وقال بفتح الغين المعجمة وسكون النون . ( قال : سمعت عبد الله بن عمر ، وسألني رجل عن المحرم ) ، جملة حالية ( قال شعبة ) ، أي : أحد رواة هذا الحديث ، ولم يذكره المؤلف في أسمائه ( أحسبه ) ، بكسر السين وفتحها أي أظنه أي السائل سأله عن المحرم ، وفي الذخائر عن ابن عمر ، وقد سئل عن المحرم ( يقتل الذباب ) : يعني أيجوز قتله أم لا ؟ والجملة معترضة ( قال ) : وفي رواية فقال ، أي : ابن عمر في جوابه متعجبا . ( أهل العراق ) ، أي : الكوفة فإنها والبصرة تسميان عراق العرب ( يسألوني ) : بتشديد النون ويخفف ( عن الذباب ) ، أي : عن قتل الذباب كما في نسخة ، والمعنى أنهم يظهرون كمال رعاية التقوى في نسكهم . قال الطيبي ، قوله : ( قال أهل العراق ) حال من سمعت وقد مقدرة ، والأصل سمعت قول عبد الله ، وقوله وسأله رجل عن المحرم أيضا حال ، وقوله قال شعبة أحسبه يقتل الذباب قول بعض الرواة تفسير سؤال الرجل واستفتاؤه ، أي : ما تقول في [ ص: 3971 ] شأن المحرم يقتل الذباب اهـ . ( وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . حال من ضمير الفاعل في يسألوني ( وقال ) : وفي رواية وقد قال أي والحال أنه قال ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ، أي : في حق ابن بنته ( " هما " يعني الحسنين - " ريحاني " ) ؟ ضبط في جميع النسخ بفتح النون وتشديد ياء المتكلم ، وسيأتي الكلام عليه ، وفي الذخائر هما ريحانتاي ( " من الدنيا " ) . أي : من رزق الله الذي رزقنيه من الدنيا يقال : سبحان الله وريحانه أي أسبح الله وأسترزقه وهو مخفف من ريحان مشددا فيعلان من الروح ، لأن انتعاشه بالرزق ، ويجوز أن يراد بالريحان المشموم لأن الشمامات تسمى ريحانا ، ويقال حباه بطاقة نرجس وبطاقة ريحان ، فيكون المعنى أنهما مما أكرمني الله به وحباني ، أو لأن الأولاد يشمون ويقبلون ، فكأنهما من جملة الرياحين التي أنبتها الله ، وفي النهاية : الريحان الرحمة والراحة والرزق ، وبه سمي الولد ريحانا ، وكل نبت طيب الريح من أنواع الشموم .

وقال الطيبي : موقع من الدنيا ها هنا كموقعها في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " حبب إلي من الدنيا الطيب والنساء " . أي نصيبي منها ، ونصب ريحاني على المدح . أقول : الظاهر من كلام الفائق أنه جعل ريحاني خبر المبتدأ ، ومن الدنيا بمعنى في الدنيا ، لكن يشكل على رواية الكتاب بغير رفع ، ولعله مبني على ما روى ريحانتاي أو ريحاناي أو ريحاني بكسر النون وتخفيف الياء ، والإفراد باعتبار كل منهما ، والتقدير كانا ريحاني ، ثم رأيت القاضي عياضا قال في المشارق قوله : وهما ريحاناتي من الدنيا . الولد يسمى الريحان ، ومن هنا بمعنى في أي في الدنيا ، وقيل : ريحاناي من الجنة في الدنيا كما قال في الحديث : الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة ، وقد قيل : يوجد منهما ريح الجنة ، والريحان ما يستراح إليه أيضا ، وقيل : سماهما بذلك لأن الولد يشم كما يشم الريحان اهـ .

وعن جابر بن عبد الله على ما رواه أحمد في المناقب قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب : " سلام عليك يا أبا الريحانين ، فعن قليل يذهب ركناك والله خليفتي عليك " فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال علي : هذا أحد الركنين ، فلما ماتت فاطمة قال هذا الركن الآخر . ( رواه البخاري ) . وعن عبد الرحمن بن أبي نعم : أن رجلا من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب ؟ فقال ابن عمر : انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض ، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا " . أخرجه الترمذي وصححه .

التالي السابق


الخدمات العلمية