صفحة جزء
6147 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ضمني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى صدره فقال : " اللهم علمه الحكمة " . وفي رواية : " علمه الكتاب " . رواه البخاري .


6147 - ( وعن ابن عباس قال : ضمني ) : بتشديد الميم أي أخذني ( النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى صدره ) : إيماء إلى أنه منبع العلم ومعدن الحكم ( فقال : " اللهم علمه الحكمة " ) ، أي : إتقان العلم والعمل . قال تعالى : يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وليس المراد بها حكمة الفلاسفة ، ففي النهاية : الحكمة عبارة عن معرفة الفضلاء الأشياء بأفضل العلوم ، والحكيم الذي يحكم الأشياء ويتقنها ، وفي فتح الباري : واختلف في المراد بالحكمة ها هنا فقيل : الإصابة في القول ، وقيل : الفهم عن الله ، وقيل : ما يشهد العقل بصحته ، وقيل : نور يفرق بينه وبين الإلهام والوسواس ، وقيل : سرعة الجواب ، وقيل : غير ذلك . قلت : لا منع من الجمع شعر :

عبارتنا شتى وحسنك واحد كل إلى ذاك الجمال يشير .

[ ص: 3972 ] ( وفي رواية : علمه الكتاب ) ، أي : علمه ما يتعلق به من سائر العلوم الشرعية وحكي عن ابن عباس أنه قال :


جميع العلم في القرآن لكن تقاصر عنه أفهام الرجال



وهذه الرواية تؤيد قول من فسر الحكمة بعلم الكتاب ، ولذا يقال لابن عباس ترجمان الكتاب ، وقال الطيبي : الظاهر أن يراد بالحكمة السنة . قال تعالى : ويعلمهم الكتاب والحكمة قلت : الأظهر أن يراد بالكتاب لفظه وقراءته ، وبالحكمة معرفة أحكامه وتبيين آياته ، فإنه - رضي الله عنه - كان مشهورا بالعلمين ، أعني القراءة والتفسير على أن تفسير الحكمة بالسنة في الآية لوقوعها عطفا على الكتاب ، والأصل التغاير في العطف ، لكن سيأتي أنه دعا له بالفقه أيضا ، وهو العلم بالكتاب والسنة أصولا وفروعا ، فهو جامع العلوم - رضي الله عنه - . قال المؤلف : ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ، وتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة ، وقيل : عشر ، كان حبر هذه الأمة وعالمها ، دعا له - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة والفقه والتأويل ، ورأى جبريل - عليه السلام - مرتين ، وكف بصره في آخر عمره ، ومات بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير ، وهو ابن إحدى وسبعين سنة ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين . ( رواه البخاري ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية