صفحة جزء
6205 - وعن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال : هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبتغي وجه الله تعالى ، فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا ، منهم : مصعب بن عمير : قتل يوم أحد ، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا نمرة ، فكنا إذا غطينا رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " غطوا بها رأسه ، واجعلوا على رجليه من الإذخر " . ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها . متفق عليه .


6205 - ( وعن خباب ) : بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة الأولى ( بن الأرت ) : بفتح همز وراء وتشديد فوقية ( قال : هاجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبتغي وجه الله تعالى ) ، أي : رضاه ( فوقع أجرنا على الله ) ، أي : ثبت أجرنا الدنيوي والأخروي عنده سبحانه ( فمنا من مضى ) ، أي : مات ( لم يأكل من أجره ) ، أي : الدنيوي ( شيئا ) ، أي من الغنائم ونحوه مما تناولها من أدرك زمن الفتوح ، فيكون أجره كاملا ، فالمراد بالأجر ثمرته فليس مقصورا على أجر الآخرة . ( منهم : مصعب ) : بصيغة المجهول ( بن عمير ) ، بالتصغير ( قتل يوم أحد ) ، أي : استشهد ( فلم يوجد له ما يكفن فيه ) : بتشديد الفاء المفتوحة ( إلا نمرة ) ، بفتح نون فكسر ميم أي : كساء غليظ فيه خطوط بيض وسود ( فإذا غطينا رأسه ) ، أي : بها ( خرجت رجلاه ) ، أي ظهرتا ( وإذا غطينا رجليه ) ، أي : بها ( خرج رأسه ) ، أي انكشف فتحيرنا في أمره ( فقال - صلى الله عليه وسلم - : " غطوا بها رأسه " ) ، أي لأنه أشرف ( " واجعلوا على رجليه من الإذخر " ) : بكسر الهمز والخاء وهو نبت معروف ( ومنا من أينعت ) : بهمز مفتوح وسكون تحتية وفتح نون أي نضجت ( له ثمرته ) : وأدركت وطابت وبلغت أو أن الجذاذ وهو كناية عن حصول بعض المراد والينع ، بفتح الياء إدراك الثمار ، ومنه قوله تعالى : انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه وفي النهاية أينع الثمر يونع وينع يينع فهو مونع ويانع إذا أدرك ونضج وأينع أكثر استعمالا ( فهو ) ، أي : من أينعت له ثمرته ( يهدبها ) بفتح الياء وكسر الدال ويضم على ما اقتصر عليه النووي ، وحكى ابن التين تثليثها أي يجتنيها . قال الطيبي : هذه الفقرة قرينة لقوله : فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا كأنه قيل : ومنهم من لم يعجل شيء من ثوابه ، ومنهم من عجل بعض ثوابه ، وقوله : يهدبها على صيغة المضارع لاستمرار الحال الماضية والآتية استحضارا له في مشاهدة السامع ، وفي الحديث : ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم في الآخرة ، ويبقى لهم الثلث ، وفيه بيان فضيلة مصعب بن عمير ، وأنه ممن لم ينقص له من ثواب الآخرة شيء .

قال المؤلف : مصعب قرشي عبدري من أجلة الصحابة وفضلائهم ، هاجر إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها ثم شهد بدرا ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث مصعبا بعد العقبة الثانية إلى المدينة يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين ، وهو أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة ، وكان في الجاهلية من أنعم الناس عيشا وألينهم لباسا ، فلما أسلم زهد في الدنيا ، وقيل : إنه بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن بايع العقبة الأولى ، وكان يأتي الأنصار في دورهم ويدعوهم إلى الإسلام ، فيسلم الرجل والرجلان حتى فشا الإسلام فيهم ، فكتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه أن يجمع بهم فأذن له ، ثم قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - مع السبعين الذين قدموا عليه في العقبة الثانية فأقام بمكة قليلا ، وفيه نزل : رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وكان إسلامه بعد دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية