صفحة جزء
6209 - وعن سعد بن أبي وقاص قال ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام . متفق عليه .


6209 - ( وعن سعد بن أبي وقاص ، قال : ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على وجه الأرض ) : صفة مؤكدة لأحد كما في قوله تعالى : وما من دابة في الأرض لمزيد التعميم والإحاطة . اهـ . وفيه نظر لا يخفى ، إذ الحديث ليس من قبيل الآية ، فإن الدابة ما تدب على الأرض ، فتكون الأرض داخلة في مفهوم الدابة ، فذكرها يفيد التأكيد . ونظيره رأيته بعيني وسمعته بأذني بخلاف لفظ أحد ، فإنه يفيد معنى العموم القابل للتقييد ، فقوله يمشي على وجه الأرض صفة احترازية ممن كان قبله من العشرة ، فكأنه قال لأحد هو حي الآن على وجه الأرض : ( إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام ) . وقال ميرك : يحتمل أن قوله ( على وجه الأرض ) صفة مخصصة لأهل الجنة ، لكن يرد عليه أنه حين التكلم حي . اهـ . وقال النووي : ليس هذا مخالفا لقوله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة إلى آخر العشرة وغيرهم من المبشرين بالجنة ، فإن سعدا قال : ما سمعت ، ونفي سماعه ذلك لا يدل على نفي البشارة للغير ، وإذا اجتمع النفي والإثبات فالإثبات مقدم عليه . اهـ . ويؤيد ما قدمناه ما ذكره الحافظ العسقلاني بأن الحديث استشكل بأنه - صلى الله عليه وسلم - " قال لجماعة : إنهم من أهل الجنة غير عبد الله بن سلام ، ويبعد أن لا يطلع سعد على ذلك أو ينفي سماع ذلك عن نفسه كراهة تزكية نفسه ، فالظاهر أن ذلك بعد موت المبشرين ; لأن عبد الله بن سلام عاش بعدهم ، ولم يتخذ بعده من العشرة غير سعد وسعيد ، ويؤخذ ذلك من قوله يمشي على وجه الأرض ، ووقع عند الدارقطني : ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لحي يمشي أنه من أهل الجنة . اهـ .

ولا يخفى ما فيه من الغموض على حصول المدعي ، اللهم إلا أن يقال : إن سعدا لم يذكر نفسه بناء على أن تبشيره بلغه من غيره ، وهذا سمعه بنفسه كما يشير إليه صدر الحديث ، لكن يبقى الكلام في وجود سعيد حيا ، ويمكن دفعه به أيضا ، ويمكن أن يراد بقوله ( يمشي ) أنه وقع بشارته - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله حين كان يمشي على وجه الأرض ، بمعنى أنه يسير بخلاف بشارات غيره ، وبه يزول الإشكال والله أعلم بالأحوال . ( متفق عليه ) . ورواه النسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية