صفحة جزء
الفصل الثالث

6230 - عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد . وفي رواية حذيفة : ما حدثكم ابن مسعود فصدقوه ) بدل ( وتمسكوا بعهد ابن أم عبد ) رواه الترمذي .


الفصل الثالث

6230 - ( عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اقتدوا باللذين " ) : بصيغة المثنية ، وفي نسخة : الذين بصيغة الجمع ، ولعله للتعظيم أو بناء على أن أقل الجمع اثنان ( " من بعدي " ) ، أي : من بعد موتي أو من بعد الاقتداء بي ( " من أصحابي " ) . أي من جملة أصحابي ( " أبي بكر وعمر " ) ، بدل أو بيان للذين ( " واهتدوا بهدي عمار " ) ، أي سيروا بسيره ، وكان الاقتداء أعم من الاهتداء حيث يتعلق به القول والفعل ، بخلاف الاهتداء فإنه يختص بالفعل ( وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " ) أي بوصية ابن مسعود وقوله ، ولذا يختار إمامنا الأعظم روايته وقوله على سائر الصحابة بعد الخلفاء الأربعة لكمال فقاهته ونصح وصيته . قال التوربشتي : يريد عهد عبد الله بن مسعود وهو ما يعهد إليه فيوصيهم به ، وأرى أشبه الأشياء بما يراد من عهده أمر الخلافة ، فإنه أول من شهد بصحتها وأشار إلى استقامتها من أفاضل الصحابة ، وأقام عليها الدليل فقال : لا نؤخر من قدمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا نرضى لدنيانا من ارتضاه لديننا ، ومما يؤيد هذا المعنى المناسبة الواقعة بين أول الحديث وآخره ، ففي أوله : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وفي آخره : وتمسكوا بعهد ابن أم عبد ، ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه قوله [ ص: 4017 ] ( وفي رواية حذيفة : " ما حدثكم ابن مسعود فصدقوه ) : وهذا إشارة إلى ما أسر إليه من أمر الخلافة في الحديث الذي نحن فيه ، ويشهد لذلك الاستدراك الذي أوصله بحديث الخلافة فقال : لو استخلفت عليكم فعصيتموه عذبتم ، ولكن ما حدثكم حذيفة فصدقوه ، وحذيفة هو الذي يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اقتدوا باللذين من بعدي " ولم أر في التعريض بالخلافة في سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوضح من هذين الحديثين ، ولا أصح من حديث أبي سعيد : " سدوا عني كل خوخة إلا خوخة أبي بكر " - رضي الله عنه - ثم قوله : ( بدل : " وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " ) . الظاهر بدل تمسكوا فإن الواو العاطفة لا بد من وجودها على التقديرين . ( رواه الترمذي ) . الرواية الأولى رواها الترمذي من حديث ابن مسعود ، وقال : غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل وهو يضعف في الحديث . والرواية الثانية رواها الترمذي أيضا ، لكن من حديث حذيفة قال : كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لا أدري ما بقائي فيكم . فاقتدوا باللذين من بعدي " وأشار بأبي بكر وعمر " واهتدوا بهدي عمار ، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه " . وقال : حديث حسن نقله ميرك عن التصحيح . أقول : وحديث حذيفة رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه - وابن حبان في صحيحه . وفي الجامع الصغير : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " رواه أحمد والترمذي ، وابن ماجه - ثم أورد الحديث الذي في المشكاة وقال : رواه الترمذي عن ابن مسعود ، والروياني عن حذيفة ، وابن عدي عن أنس .

التالي السابق


الخدمات العلمية