صفحة جزء
632 - وقال : ( لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء ، فإنها في كتاب الله العشاء . فإنها تعتم بحلاب الإبل ) . رواه مسلم .


632 - ( وقال : ( لا يغلبنكم ) : بالوجهين ( الأعراب على اسم صلاتكم العشاء ) : بالوجوه الثلاثة ، والمعنى : لا تتعرضوا لما هو من عادتهم من تسمية العشاء بالعتمة فتغصب منكم اسم العشاء التي سماها الله تعالى أي : لا يليق العدول عما في كتاب الله من تسميتها عشاء إلى ما ألفه الأعراب من تسميتها عتمة ، ولعل حكمة العدول عنه قبح لفظه ، إذ العتمة شدة الظلام ، والصلاة هي النور الأعظم ، فلا يليق أن يوضع لها لفظ يدل على نقيضها ، والفاء في قوله ( فإنها في كتاب الله العشاء ) : علة للنهي ، وفي قوله ( فإنها تعتم ) : علة للتسمية يعني أنها في كتاب الله تعالى - تسمى العشاء . قال الله تعالى : ومن بعد صلاة العشاء وهم يسمونها بالعتمة ; لأنها تعتم ( بحلاب الإبل ) : فإن العرب كانوا يحتلبون الإبل بعد غيبوبة الشفق حين يمد الظلام رواقه ، وسمي ذلك الوقت العتمة ، وقيل : كانوا يؤخرون الحلاب إلى الظلمة ، ويسمون ذلك الوقت العتمة فهو من باب تسمية الشيء باسم وقته أي : لا تطلقوا هذا الاسم على العشاء لئلا يغلب على ما جاء في كتاب الله تعالى ، وقوله : لأنها تعتم روي مجهولا ، فالضميران للصلاة ومعلوما فهما للأعراب قاله ابن الملك . وقال السيد : تعتم معروف لرواية ، فإنهم يعتمون ويجوز كونه مجهولا ، والضمير للصلاة اهـ .

فالأصح رواية والأوضح دراية صيغة المعلوم ، والباء في بحلابها سببية ، قال الطيبي : وأما ما جاء في حديث أبي هريرة ما في العتمة قيل ذلك كان قبل نزول الآية التي فيها ذكر صلاة العشاء ، وفيه بحث لأن نزول الآية مقدم على ما تقرر في التاريخ ، والوجه أنه كان في صدر الإسلام جائزا ، فلما كثر إطلاقهم ، وجرت ألسنتهم نهاهم ; لئلا يغلب لسان الجاهلية يعني : فرواه أبو هريرة على ما جمعه قبل النهي ، ومحتمل أنه جمعه بلفظ العشاء ، ولم يبلغه النهي فرواه بالمعنى . وقال النووي : في الجواب وجهان ، الأول : أن استعمال العتمة بيان للجواز والنهي عنه للتنزيه ، الثاني : أنه خوطب بالعتمة من لا يعرف العشاء ; لأنها أشهر عند العرب من العشاء ، وإنما كانوا يطلقون العشاء على المغرب . ( رواه مسلم ) : قال ميرك : فيه نظر ; لأن الجملة الأولى مروية في البخاري من حديث عبد الله بن مغفل المزني ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال صاحب التخريج : ولم أره في غير البخاري ، وكذا قال الشيخ الجزري رواه البخاري من حديث عبد الله بن مغفل ، وأما الجملة الثانية : فمن إفراد مسلم ، ومنشأ توهم صاحب المشكاة أن محيي السنة رحمه الله أورد الحديثين في المصابيح . أحدهما عقيب الآخر ، وقال في الآخر : رواه ابن عمر ، فظن المصنف أنه حديث واحد مروي عن ابن عمر ، فوقع فيما وقع والله تعالى أعلم . ثم قال ميرك : ورواه النسائي ، وابن ماجه ، وأحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية