صفحة جزء
655 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين

فإذا قضى النداء أقبل ، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر ، حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه ; يقول : اذكر كذا ، اذكر كذا ، لما لم يكن يذكر ، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى ؟
) . متفق عليه .


655 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا نودي للصلاة ) أي : بالأذان ( أدبر الشيطان ) أي : عن موضع الأذان ( له ضراط ) - بضم المعجمة - كغراب وهو ريح من أسفل الإنسان وغيره ، وهذا لثقل الأذان عليه ، كما للحمار من ثقل الحمل ( حتى لا يسمع التأذين ) : تعليل لإدباره . قال الطيبي : شبه شغل الشيطان نفسه ، وإغفاله عن سماع الأذان بالصوت الذي يملأ السمع ، ويمنعه عن سماع غيره ، ثم سماه ضراطا تقبيحا له اهـ .

[ ص: 557 ] وقيل : هذا محمول على الحقيقة ; لأن الشياطين يأكلون ويشربون ، كما ورد في الأخبار ، فلا يمتنع وجود ذلك منهم خوفا من ذكر الله ، أو المراد استخفاف اللعين بذكر الله تعالى من قولهم : ضرط به فلان إذا استخفه ، ذكره ابن الملك . ( فإذا قضى ) مجهول ، وقيل : معروف ، ذكره الأبهري ، وقول ابن حجر : ( حتى إذا قضى ) ( حتى ) هي واللتان بعدها داخلة على الجملة الشرطية ، وليست للتعليل - خطآن ; إذ صوابه : فإذا قضي على ما فيه النسخ المصححة ( النداء ) أي : فرغ المؤذن منه ( أقبل ) أي : الشيطان ( حتى إذا ثوب بالصلاة ) : من التثويب ; وهو الإعلام مرة بعد أخرى ، والمراد به الإقامة ( أدبر ) حتى لا يسمع الإقامة ( حتى إذا قضى التثويب ، أقبل ) أي : الشيطان ( حتى يخطر ) : بفتح الياء وكسر الطاء وتضم ، وحتى تعليلية ( بين المرء ونفسه ) أي : قلبه ، والمعنى : حتى يحول ويحجز بينهما بوسوسة القلب ، وحديث النفس ، فلا يتمكن من الحضور في الصلاة . قال في الأساس : خطر الرجل برمحه إذا مشى به بين الصفين ، وهو يخطر في مشيته يهتز . قال الأبهري : يخطر بضم الطاء وكسرها . قال النووي : معنى الكسر يوسوس من خطر البعير بذنبه إذا حركه فضرب به فخذه ، وبالضم يدنو منه . وقال عياض : وبالكسر هو الوجه ولا ينافي إسناد الحيلولة إليه إسنادها إليه تعالى في قوله عز وجل : واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه لأن هذا الإسناد حقيقة عند أهل السنة ، والأول باعتبار أن الله تعالى مكنه منها حتى يتم ابتلاء العبد به ، وأيضا الأول أضيف إلى الشيطان ، فإنه مقام شر ، ولذا عبر عن قلبه بنفسه ، والثاني مقام الإطلاق كما يقال : الله خالق كل شيء ، ولا يقال : خالق الكلب والخنزير أدبا مع الله تعالى ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( الخير بيديك والشر ليس إليك ) مع اعتقاده أن الأمر كله لله ، وكل من عند الله . ( يقول ) : بالرفع استئناف مبين وقيل بالنصب على أنه بدل من يخطر ( اذكر كذا ، اذكر كذا ) كناية عن أشياء غير متعلقة بالصلاة ( لما لم يكن يذكر ) أي : لشيء لم يكن المصلي يذكره قبل شروعه في الصلاة من ذكر مال وحسابه وبيع وشراء ( حتى ) قال الطيبي : كرر ( حتى ) في الحديث خمس مرات الأولى والأخيرتان بمعنى ( كي ) والثانية والثالثة دخلتا على الجملتين الشرطيتين ، وليستا للتعليل ، وهذا يدل أيضا على سهو ابن حجر كما ذكرناه ( يظل الرجل ) بفتح الظاء من الطول أي : كي يصير من الوسوسة بحيث ( لا يدري كم صلى ) أي : يقع في الشك ( متفق عليه ) .

[ ص: 558 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية