صفحة جزء
658 - وعن عمر - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال المؤذن : الله أكبر ، الله أكبر ; فقال أحدكم : الله أكبر ، الله أكبر ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ; قال : أشهد أن لا إله إلا الله . ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله ; قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، ثم قال : حي على الصلاة ; قال : لا حول ولا قوة إلا بالله .

ثم قال : حي على الفلاح ; قال : لا حول ولا قوة إلا بالله . ثم قال : الله أكبر ، الله أكبر ; قال : الله أكبر ، الله أكبر ثم قال : لا إله إلا الله ; قال : لا إله إلا الله من قلبه ، دخل الجنة
) . رواه مسلم


658 - ( وعن عمر - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال المؤذن ) شرطية جزاؤها دخل الجنة ( الله أكبر ، الله أكبر ، فقال أحدكم ) عطف على فعل الشرط ( الله أكبر ، الله أكبر ) ولم يذكر الأربع اكتفاء بذكر اثنين منها ومن ثم ذكر واحدا من الاثنين فيما بعد كما قال ( ثم قال ) عطف على قال الأول . قال الطيبي : المعطوفات بثم مقدرات بحرف الشرط ، والفاء في فقال أي : إذا قال المؤذن ( أشهد أن لا إله إلا الله ، قال ) أي فقال أحدكم ، فحذف اختصارا ( أشهد أن لا إله إلا الله ، ثم قال ) أي إذا قال المؤذن ( أشهد أن محمدا رسول الله ) أي : فقال السامع ( أشهد أن محمدا رسول الله . ثم قال ) أي : إذا قال المؤذن ( حي على الصلاة ، قال ) أي : فقال المجيب ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) أي : لا حيلة في الخلاص عن موانع الطاعة ولا حركة على أدائها إلا بتوفيقه تعالى قاله المظهر ، وهو الأظهر . وقال الطيبي : أي لا حيلة ولا خلاص عن المكروه ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله . وقال الراغب : الحال ما يختص به الإنسان وغيره من الأمور المتغيرة في نفسه وجسمه ، وما يتصل به ، والحول ما له من القوة في إحدى هذه الأحوال ، ومنه قيل : لا حول ولا قوة إلا بالله اهـ .

[ ص: 560 ] والأحسن في تفسيره ما ورد مرفوعا : " لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله " ( ثم قال : حي على الفلاح ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ) قال الطيبي : إن الرجل إذا دعا بحيعلتين كأنه قيل له : أقبل بوجهك وشراشرك على الهدى عاجلا ، والفلاح آجلا ، فأجاب : بأن هذا أمر عظيم وخطب جسيم ، وهي الأمانة المعروضة على السماوات والأرض ، ولم يحملنها ، فكيف أحملها مع ضعفي وتشتت أحوالي ; ولكن إذا وفقني الله بحوله وقوته لعلي أقوم بها . قال النووي : يستحب إجابة المؤذن بالمثل إلا في الحيعلتين ، فإنه يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، لكل من سمعه من متطهر ومحدث وجنب وحائض ، وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة ، فمن أسباب المنع أن يكون في الخلاء أو جماع أهله أو نحوهما ، ومنها أن يكون في صلاة فلا موافقة ، وإذا فرغ منها أتى بمثله . قال القاضي عياض : اختلفوا هل يقول عند سماع كل مؤذن أم الأول فقط ; ( ثم قال الله أكبر ، الله أكبر ، قال : الله أكبر ، الله أكبر ثم قال : لا إله إلا الله ، قال : لا إله إلا الله من قلبه ) قيد للأخير أو للكل ، وهو الأظهر ( دخل الجنة ) قال الطيبي : وإنما وضع الماضي موضع المستقبل لتحقق الموعود ، قال ابن حجر : على حد قوله : أتى أمر الله ، ونادى أصحاب الجنة والمراد أن يدخل مع الناجين وإلا فكل مؤمن لا بد له من دخولها وإن سبقه عذاب بحسب جرمه ، إذا لم يعف عنه إلا إن قال ذلك بلسانه مع اعتقاده بقلبه حقيقة ما دل عليه وإخلاصه فيه . اهـ

ويمكن أن يكون المراد أنه يدخلها إن لم يكن له مانع من دخولها ، أو معناه : استحق دخول الجنة أو دخل موجب دخولها ، وسبب وصولها وحصولها ، أو دخل الجنة المعنوية في الدنيا وهي الشهادة المقرونة بالمشاهدة العظمى ، ولذا قال بعض العارفين في قوله تعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان جنة في الدنيا وجنة في العقبى ، ويمكن أن يكون اللام في الجنة للعهد أي : دخل الجنة الموعودة لمجيب الأذان ( رواه مسلم ) وأبو داود ، والنسائي ، قاله ميرك .

قال ابن الهمام : وأما الحوقلة عند الحيعلة ، فهو وإن خالف ظاهر قوله عليه السلام : " فقولوا مثل ما يقول " ، لكنه ورد فيه حديث مفسر لذلك عن عمر رواه مسلم ، فحملوا ذلك العام على ما سوى هاتين الكلمتين ، وتعليل الحديث المذكور بأن إعادة الموعود دعاء الداعي يشبه الاستهزاء ، كما يفهم في الشاهد بخلاف ما سوى الحيعلتين ، فإنه ذكر يثاب عليه من قاله ، إذ لا مانع من صحة اعتبار المجيب بهما داعيا لنفسه محركا منها السواكن مخاطبا لها ، فكيف وقد ورد في بعض الصور طلبا صريحا في مسند أبي يعلى عن أبي أمامة عنه عليه السلام : ( إذا نادى المنادي للصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء ) فمن نزل به كرب أو شدة فليتحين المنادي إذا كبر كبر ، وإذا تشهد تشهد وإذا قال : حي على الصلاة قال حي على الصلاة ، وإذا قال : حي على الفلاح قال حي على الفلاح ، ثم يقول : اللهم رب هذه الدعوة الحقة المستجابة المستجاب لها ، دعوة الحق وكلمة التقوى أحينا عليها وأمتنا عليها وابعثنا عليها واجعلنا من خيار أهلها محيانا ومماتنا ثم يسأل الله عز وجل حاجته .

وروى الطبراني في كتاب الدعاء من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل ورواه الحاكم فذكر مثل حديث أبي يعلى وقال : صحيح الإسناد لكن نظر فيه بضعف أبي عائد وقد يقال : هو حسن ولو ضعف ، فالمقام يكفي فيه فهذا يفيد أن عموم الأول معتبر ، وقد رأينا من مشايخ السلوك من كان يجمع بينهما ، فيدعو نفسه ، ثم يتبرأ من الحول والقوة ليعمل بالحديثين . وفي حديث عمر وأبي أمامة التنصيص على أن لا يسبق المؤذن ، بل يعقب كل جملة منه بجملة منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية