صفحة جزء
665 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي ، فيقول الله عز وجل - : انظروا إلى عبدي هذا ، يؤذن ويقيم الصلاة ، يخاف مني ، قد غفرت لعبدي ، وأدخلته الجنة ) . رواه أبو داود ، والنسائي


665 - ( وعن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يعجب ربك ) ( 1 ) أي : يرضى . قال النووي : التعجب على الله محال إذ لا يخفى عليه أسباب الأشياء ، والتعجب إنما يكون مما خفي سببه ، فالمعنى عظم ذلك عنده وكبر ، وقيل : معناه الرضا ، والخطاب إما للراوي ، أو لواحد من الصحابة غيره . وقيل : الخطاب عام لكل من يتأتى منه السماع لفخامة الأمر ، فيؤكد مع التعجب ( من راعي غنم ) اختار العزلة من الناس ، فإن الاستئناس بالناس من علامة الإفلاس ( في رأس شظية للجبل ) - بفتح الشين المعجمة وكسر الظاء المعجمة وتشديد التحتانية أي : قطعة من رأس الجبل ، وقيل : هي الصخرة العظيمة الخارجة من الجبل كأنها أنف الجبل . ( يؤذن بالصلاة ويصلي ) : قال ابن الملك : فائدة تأذينه إعلام الملائكة والجن بدخول الوقت ، فإن لهم صلاة أيضا ، وإنما لم يذكر الإقامة لأنها للإعلام بقيام الصلاة ، وليس أحد يصلي خلفه حتى يقيم لإعلامه . ا ه .

وهو خلاف المذهب ; لأن الأفضل أن يجمع بينهما ، فالأولى أن يراد بالتأذين الإعلام بالمعنى الأعم ، أو يقدر الإقامة لما سيأتي من قوله : ويقيم . وفي تأذينه فوائد أخر من شهادة الأشياء على توحيده ومتابعة سنته ، والتشبه بالمسلمين في جماعتهم ، وقيل : إذا أذن وأقام تصلي الملائكة معه ، ويحصل له ثواب الجماعة والله أعلم . ( " فيقول الله عز وجل ) أي : لملائكة وأرواح المقربين عنده ( انظروا إلى عبدي هذا ) تعجيب لملائكته من ذلك الأمر بعد التعجب لمزيد التفخيم ، وكذا تسميته بالعبد وإضافته إلى نفسه ، والإشارة بهذا تعظيم على تعظيم ( يؤذن ويقيم الصلاة ) نصب بنزع الخافض ، أي : للصلاة تنازع فيه الفعلان . وقال ابن الملك : أي يحافظ ويداوم عليها " ( يخاف مني ) أي : يفعل ذلك خوفا من عذابي ، لا يراه أحد ، قاله ابن الملك . وقال الطيبي : الأظهر أنه جملة استئنافية ، وإن احتمل الحال فهو كالبيان لعلة عبوديته واعتزاله التام عن الناس ، وأما قول ابن حجر : " ولذا آثر الشظية بالرعي فيها ، والمعز برعايتها ; لأن الأعين لا تتشوف إليها تشوفها للضأن " فلا دلالة للحديث عليه ; لأن الغنم أعم منهما ، وفي الحديث دليل على جواز الأذان والإقامة للمنفرد ، ذكره ابن الملك . لكن الأولى أن يقال : دليل على استحبابهما " ( قد غفرت لعبدي ) فإن الحسنات يذهبن السيئات ( وأدخلته الجنة ) فإنها دار المثوبات . ( رواه أبو داود ، والنسائي ) ، وأحمد ، ورجاله ثقات ، قاله ميرك .

[ ص: 566 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية