صفحة جزء
[ ص: 573 ] [ 6 ] باب تأخير الأذان

الفصل الأول

680 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن بلالا ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ) . قال : وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى ، لا ينادي حتى يقال له : أصبحت أصبحت . متفق عليه .


[ 6 ] باب تأخير الأذان

بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف هو هذا . وقيل : بالسكون على الوقف ، وفي المصابيح : بدله فصل . قال ابن الملك : وإنما أفرد هذا الفصل لأن أحاديثه كلها صحاح ، وليست فيه أحاديث مناسبة لصحاح الباب السابق ، فكانت مظنة الإفراد ، وقال ابن حجر : هذا باب في تتمات لما سبق في البابين قبله .

الفصل الأول

680 - ( عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن بلالا ينادي ) أي : يذكر وقال ابن الملك : يؤذن ( بليل ) أي : فيه يعني للتهجد أو للسحور ، لما ورد في خبر : " إنه نهي عن الأذان قبل الفجر " وإن قيل بضعفه " ( فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ) اسمه عبد الله بن قيس ، وكان ينادي بعد طلوع الفجر الصادق ، قاله ابن الملك . ( قال ) أي : ابن عمر ( وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى ، لا ينادي ) أي : لا يؤذن للصبح ( حتى يقال له : أصبحت أصبحت ) التكرير للتأكيد أي : دخلت أو قاربت الدخول في الصباح ، يعني بعد تحقق الصبح لأهل المعرفة ( متفق عليه ) ، ورواه الترمذي ، والنسائي ، قاله ميرك . ولا ينافي هذا خبر : " إن ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بلال " ; لأنه بتقدير صحته محمول على أنه كان بينهما مناوبة ، كذا قاله ابن حجر ، ولعل إحدى الروايتين محمول على ما تقرر في آخر الأمر من تقسيم الوقتين بينهما . قال ابن حجر ، فإن قلت : قوله " حتى يقال له أصبحت " يدل على وقوع أذانه بعد الفجر ، وقوله : " كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " ، يدل على وقوعه قبيل الفجر أو معه . قلت : يتعين تأويل هذه ; لاحتمالها دون تلك لصراحتها ، فلذا قال أصحابنا : يسن في الأذان الثاني أن يكون بعد الفجر ، والوجه ما قدمناه لخبر : إنه لم يكن بين أذانيهما إلا قدر أن ينزل هذا ويرقى هذا . قال العلماء : معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه ، ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم فتأهب ثم يرقى ويسرع الأذان مع أول طلوع الفجر ، وفي الشمني ; قال مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو يوسف : يجوز الأذان للفجر وحده قبل وقته في النصف الأخير من الليل لما في الصحيحين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم " ولنا ما روى مسلم من حديث عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويحفظهما ، ووجه الدلالة أنه عليه السلام ما كان يكتفي بالأذان الأول . وما أخرجه الطحاوي ، والبيهقي ، عن عبد الكريم الجزري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة بنت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أذن المؤذن بالفجر قام فصلى ركعتي الفجر ، ثم خرج إلى المسجد فحرم الطعام ، وكان لا يؤذن حتى يصبح . وعبد الكريم الجزري قال فيه ابن معين وابن المديني : ثقة . وقال الثوري : ما رأيت مثله .

وروى أبو داود ، عن موسى بن إسماعيل ، وداود بن شبيب ، قالا : أخبرنا حماد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : إن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي : ألا إن العبد نام ، زاد موسى فرجع فنادى ، لكن قال أبو داود : رواه الدراوردي ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كان لعمر مؤذن يقال له مسعود فذكر نحوه ، وقال : هذا أصح من ذاك . قلت : يحمل على التعدد ، وتأويل الطحاوي حديث ابن عمر : إن بلالا يؤذن بليل ، على أن الأذان منه كان على ظن طلوع الفجر ، ولم يصب في طلوعه . قال : لما روينا عن أنس أنه عليه السلام قال : لا يغرنكم أذان بلال فإن في بصره سوءا . ولما روينا عن عائشة أنه عليه السلام قال : إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم . قالت : ولم يكن بينهما إلا مقدار ما ينزل هذا ويصعد هذا . قال : فلما كان بين أذانيهما من القرب ما ذكرنا ثبت أنهما كانا يقصدان طلوع الفجر ، لكن بلال يخطئه ، وابن أم مكتوم يصيبه ، لأنه لم يكن يؤذن حتى يقول له الجماعة : أصبحت أصبحت . وقال ابن دقيق العيد في الإمام : والتعارض بينهما لا يتحقق إلا بتقدير أن يكون قوله : إن بلالا يؤذن بليل في سائر العام ، وليس كذلك وإنما كان في رمضان اهـ . بدليل قوله : كلوا واشربوا .

[ ص: 574 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية