صفحة جزء
716 - وعن طلق بن علي رضي الله عنه ، قال : خرجنا وفدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فبايعناه ، وصلينا معه ، وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا ، فاستوهبناه من فضل طهوره ، فدعا بماء ، فتوضأ وتمضمض ، ثم صبه لنا في إداوة . وأمرنا ، فقال : ( اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم ، فاكسروا بيعتكم ، وانضحوا مكانها بهذا الماء ، واتخذوها مسجدا ) ، قلنا : إن البلد بعيد ، والحر شديد ، والماء ينشف ، فقال : ( مدوه من الماء ، فإنه لا يزيده إلا طيبا ) ، رواه النسائي .


716 - ( وعن طلق بن علي قال : خرجنا وفدا ) : الوفد : جماعة قاصدة عظيما لشأن من الشئون فهو حال ، أي : قاصدين ( إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه ) ، أي : على التوحيد والرسالة والسمع والطاعة ( وصلينا معه ) ، أي : صلاة أو صلوات ( وأخبرناه أن بأرضنا بيعة ) : بكسر الباء ، وهي معبد النصارى ( لنا ، فاستوهبناه ) : الفاء عطفت ما بعدها على المجموع ، أي : خرجنا وفعلنا فاستوهبناه ( من فضل طهوره ) : بفتح الطاء ، أي : بقية ما يتطهر به ، قال ابن حجر : من تبعيضية وهي وما بعدها في محل نصب بدل اشتمال من المفعول به ( فدعا بماء ، فتوضأ وتمضمض ) ، أي : منه بعد الوضوء أو في أثنائه ( ثم صبه ) ، أي : الماء المتمضمض به زيادة على مطلوبهم فضلا ( لنا في إداوة ) : ويمكن أن [ ص: 603 ] يكون المصبوب هو الماء الباقي المطلوب ، والإداوة ظرف صغير من جلد ( وأمرنا ) ، أي : بالخروج ( فقال ) : بيان الأمر ، أو أمرنا بمعنى أراد أمرنا فقال : ( اخرجوا ) ، إذنا بالخروج ( فإذا أتيتم أرضكم ) ، أي : دياركم ( فاكسروا بيعتكم ) ، أي : غيروا محرابها ، وحولوه إلى الكعبة وقيل : خربوها ( وانضحوا ) : بفتح الضاد ، أي : رشو ( مكانها بهذا الماء ) : ليصل إليها بركة فضل وضوئه ، فالإشارة إلى فضل الوضوء ، وقيل : إنه إشارة إلى جنس الماء ، والمراد تطهيرها وغسلها بالماء عما بقي فيه ( واتخذوها ) ، أي : البيعة يعني مكانه ( مسجدا ) ، قلنا : إن البلد بعيد ، والحر ) : بالنصب ويرفع ( شديد ، والماء ) : بالوجهين ( ينشف ) : بالتخفيف على صيغة المجهول ، يقال : نشف الثوب العرق بالكسر ، ونشف الحوض الماء ينشفه إذا شربه ( فقال : ( مدوه من الماء ) ، أي : زيدوا فضل ماء الوضوء من الماء غيره ، وحاصله ما قاله ابن حجر : أي صبوا عليه ماء آخر ( فإنه لا يزيده ) ، قال الطيبي : الضمير في فإنه إما للماء الوارد أو المورود ، أي : الوارد لا يزيد المورود الطيب ببركته ( إلا طيبا ) : أو المورود الطيب لا يزيد بالوارد إلا طيبا اهـ .

ولا يخفى أن الأول بالسياق أقرب ، وبنسبة الزيادة أنسب ، وإن قال ابن حجر : إن عكسه أولى إشارة إلى أن ما أصاب بدنه - عليه السلام - لا يطرقه تغير ، بل هو باق على غاية كماله الذي حصل له بواسطة ملامسته لتلك الأعضاء الشريفة ، فكل ما مسه أكسبه طيبا اهـ .

ولا يخفى أن الإشارة مما اشترك فيه الوجهان ، وضبط طيبا بكسر الطاء وسكون الياء ، وقيل : بفتح الطاء وتشديد الياء ، قال ابن حجر : وفيه التبرك بفضله - عليه السلام - ، ونقله إلى البلاد ، ونظيره : ماء زمزم فإنه - عليه السلام - كان يستهديه من أمير مكة ليتبرك به أهل المدينة ، ويؤخذ من ذلك أن فضلة وارثيه من العلماء والصالحين كذلك ، ( رواه النسائي ) ، أي : عن هناد ، عن ملازم ، عن عبد الله بن بدر ، عن قيس بن طلق ، عن أبيه .

ورواه ابن حبان في صحيحه مطولا عن أبي خليفة ، حدثنا مسدد بن مسرهد ، حدثنا ملازم بالسند قال : خرجنا ستة وفدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، خمسة من بني حنيفة ، وسادس رجل من بني ضبيعة بن ربيعة ، حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فبايعناه وصلينا معه ، وأخبرناه بأن بأرضنا بيعة لنا ، واستوهبناه من فضل طهوره ، فدعا بماء فتوضأ منه وتمضمض ، ثم صبه لنا في إداوة نم قال : ( اذهبوا بهذا الماء ، فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم ، ثم انضحوا مكانها من هذا الماء ، واتخذوا مكانها مسجدا ) ، قلنا : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البلد بعيد ، والماء ينشف ، قال : ( فأمدوه من الماء ، فإنه لا يزيده إلا طيبا ) ، فخرجنا فتشاححنا على حمل الإداوة أينا يحملها ، فجعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكل رجل منا يوما وليلة ، فخرجنا بها حتى قدمنا بلدنا ، فعملنا الذي أمرنا ، وراهب ذلك اليوم رجل من طيئ ، فنادينا بالصلاة ، فقال الراهب : دعوة حق ثم هرب ، فلم ير بعد ، نقله ميرك عن التخريج .

التالي السابق


الخدمات العلمية