صفحة جزء
755 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء ) . متفق عليه .


755 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ) : قال ابن الأثير : وفي رواية الصحيحين : لا يصلي ، بإثبات الياء ، ووجهه أن لا نافية ، وهو خبر ، بمعنى النهي ذكره ميرك ( ليس على عاتقيه منه شيء ) ، الجملة المنفية حال ، قال النووي : قال أكثر العلماء : وقال ابن حجر : قال العلماء : حكمته أنه إذا اتزر به ، ولم يكن على عاتقه منه شيء ، يأمن من أن تنكشف عورته ، بخلاف ما إذا جعل بعضه على عاتقه ، لأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده أو بيديه ، فيشتغل بذلك ، ولا يتمكن من وضع اليد اليمنى على اليسرى ، فتفوت السنة والزينة المطلوبة في الصلاة ، قال تعالى : خذوا زينتكم عند كل مسجد .

قلت : في كل مما ذكر نظر ظاهر فتأمل ، وإنما اضطرهم إلى ما ذكروا جعل ضمير " منه " إلى ذلك الثوب ، والأظهر أنه يعود إلى مطلق الثوب ، فيفيد سنية وضع الرداء ونحوه من طرف الإزار ، وغيره إلى الكتف ، وكراهية تركه عند القدرة عليه ، ولذا زاد - عليه السلام - في رواية على إرادة المبالغة ، فإن لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه طرح حبلا حتى لا يخلو من شيء ، وفي رواية : ارتدوا ولو بحبل ، ويؤيده ما جاء مفصلا ما رواه الشيخان عن جابر أنه - عليه السلام - قال له : ( إذا صليت وعليك ثوب واحد ، فإن كان واسعا فالتحف به ، وإن كان ضيقا فاتزر به ) ، ولفظ مسلم : ( فإن كان واسعا فخالف بين طرفيه وإن كان ضيقا فاشدده على حقويك ) ، فتحصل منه أن الحكمة في ذلك أن لا يخلو العاتق من شيء لأنه أقرب إلى الأدب ، وأنسب إلى الحياء من الرب ، وأكمل في أخذ الزينة عند المطلب والله أعلم ، ثم قال النووي : قال مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، والجمهور : وهذا النهي للتنزيه لا للتحريم ، فلو صلى في ثوب واحد ساتر عورته ليس على عاتقه منه شيء صحت صلاته مع الكراهية ، وأما أحمد وبعض السلف فنسبوا إلى أنه لا تصح صلاته عملا بظاهر الحديث ، ( متفق عليه ) : قال ميرك : وفيه نظر من وجوه ، الأول : أن قوله : لا يصلين ليس فيهما ، بل فيهما لا يصلي ، والثاني : أن قوله على عاتقيه ليس في البخاري ، وإنما فيه على عاتقه ، والثالث : أن قوله منه ليس في البخاري ، وإنما هو من أفراد مسلم كما صرح به الشيخ ابن حجر ، قال : وفي غرائب مالك للدارقطني من طريق الشافعي بلفظ : لا يصل بغير ياء ، ومن طريق عبد الوهاب بن عطاء بلفظ لا يصلين اهـ ، أي : بزيادة التأكيد قال الأبهري .

[ ص: 632 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية