صفحة جزء
763 - وعن أم سلمة رضي الله عنها ، أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتصلي المرأة في درع وخمار عليها إزار ؟ قال : ( إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها ) رواه أبو داود ، وذكر جماعة وقفوه على أم سلمة .


763 - ( وعن أم سلمة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتصلي المرأة في درع ) ، أي : قميص ( وخمار وليس عليها ) ، أي : ليس تحت قميصها أو فوقه ( إزار ) ؟ ، أي : ولا سراويل ، أي : ( قال ) ، أي : ( إذا كان الدرع سابغا ) ، أي : كاملا واسعا ( يغطي ظهور قدميها ) : قال الأشرف : فيه دليل على أن ظهر قدمها عورة يجب ستره ، وفي شرح السنة ، قال الشافعي : لو انكشف شيء مما سوى الوجه واليدين ، فعليها الإعادة نقله الطيبي ولا يخفى أن المراد باليدين الكفان ، وفي مختلفات قاضي خان ظاهر الكف وباطنه ليسا عورتين إلى الرسغين ، وفي ظاهر الرواية ظاهره [ ص: 635 ] عورة ، قال ابن الهمام : والذراع عورة وعن أبي يوسف : ليس بعورة ، وفي شرح المنية أن في المقدمين اختلاف المشايخ ، والأصح أنهما ليستا بعورة ، كذا ذكره في المحيط ، وهو مختار صاحب الهداية والكافي ولا فرق بين ظهر الكف وبطنه ، خلافا لما قيل : إن بطنه ليس بعورة وظهره عورة ، قلت : ظاهر الحديث يؤيد ما قيل : وقال في الخانية : الصحيح أن انكشاف ربع القدم يمنع جواز الصلاة كسائر الأعضاء التي هي عورة ، ( رواه أبو داود ) ، أي : مرفوعا مال : ورواه جماعة موقوفا على أم سلمة ذكره ميرك ، ( وذكر ) ، أي : أبو داود ( جماعة ) ، أي : من الرواة ( وقفوه ) ، أي : الحديث ( على أم سلمة ) : قال الطيبي ، أي : ذكر أبو داود ، أو أحد الرواة جماعة من المحدثين وقفوا هذا الحديث وقصره على أم سلمة اهـ .

قلت : الحديث المذكور بلفظه لا يمكن أن يكون موقوفا ، ولعل الموقوف معنى هذا الحديث ، وقيل : معناه رواه أبو داود ، وذكر هو أن جماعة وقفوه على أم سلمة ، وحينئذ لا يضر وقفهم له عليها ; لأن من رفعه معه زيادة علم فيقدم ، وأيضا هذا الموقوف ليس من قبيل الرأي فهو في حكم المرفوع .

قال ابن حجر : وعورة الرجل ما بين السرة والركبة ، ودليله قوله - عليه السلام - : ( عورة المؤمن ما بين سرته إلى ركبته ) ، والتقييد بالمؤمن للغالب وسنده حسن ، وإن كان فيه رجل مختلف فيه إلا أن له شواهد تجبره وهي أحاديث أربعة بمعناه ، وقيل : ( العورة السوأتان فقط لما في مسلم أنه - عليه السلام - : كان مكشوف الفخذ ، فدخل أبو بكر وعمر ، فلم يستره ، ثم دخل عثمان فستره ، وردوه بأن المكشوف حصل الشك فيه في مسلم هل هو الساق أو الفخذ ، فلا يلزم منه الجزم بجواز كشف الفخذ ، وعلى التنزل فهي واقعة حال احتملت أن المكشوف من ناحيته لا من ناحيتهما .

قلت : ويمكن أن يقال حصل الكشف له حالة الاستغراق والستر بعدما أفاق ، وأما في خبر الصحيحين ، أنه - عليه السلام - أجرى فرسه في زقاق خيبر ، ثم حسر الإزار عن فخذه الشريف حتى رآه أنس ، فمحمول على أنه انحسر بنفسه لأجل الإجراء لروايتهما أيضا ، فانحسر الإزار ، وقد روى الترمذي من ثلاث طرق قال في كل منها : أنه حسن أنه - عليه السلام - ، قال لجرهد ، بجيم وهاء مفتوحتين : غط فخذك ; لأن الفخذ من العورة ، ويجب على كل مكلف ستر عورته وإن كان خاليا لخبر مسلم : " لا تمشوا عراة " ، ولخبر أحمد والأربعة بسند حسن : ( احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك ) ، قلت : يا رسول الله ! إذا كان أحدنا خاليا ؟ قال : ( الله أحق أن يستحيا منه من الناس ) ، ثم العاري والمستر وإن استويا في نظر الله إليهما ، إلا أنه يرى الثاني متأدبا ، والأول تاركا للأدب اهـ .

وقوله : " يجب " لا يصح على إطلاقه أو يقال : الضرورات تبيح المحذورات لما جاء : أن التسمية تستر العورة عن أعين الجن ، والأمر استحباب التستر حالة الخلاء لا الوجوب والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية