صفحة جزء
68 - وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم " متفق عليه .


68 - ( وعن أنس ) : رضي الله عنه ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الشيطان ) أي : كيده ، ووسواسه ( يجري ) أي : يسري ( من الإنسان ) أي : فيه ، وقيل عدي يجري بمن على تضمين معنى التمكن أي : يتمكن الإنسان في جريانه ( مجرى الدم ) أي : في جميع عروقه ، والمجرى إما مصدر ميمي أي : يجري مثل جريان الدم في أنه لا يحس [ ص: 140 ] بجريه كالدم في الأعضاء شبه سريان كيده ، وجريان وساوسه في الإنسان بجريان دمه في عروقه ، وجميع أعضائه ، فهو كناية عن تمكنه من إغواء الإنسان ، وإضلاله تمكنا تاما ، وتصرفه فيه تصرفا كاملا بواسطة نفسه الأمارة بالسوء الناشئ قواها من الدم ، ولقد صدق يحيى بن معاذ حيث قال : الشيطان فارغ ، وأنت مشغول ، وهو يراك ، وأنت لا تراه ، وأنت تنسى الشيطان ، وهو لا ينساك ، ومن نفسك للشيطان عليك عون ، وقد قال تعالى : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) وقال عز وجل : ( ألا إن حزب الله هم المفلحون ) أو اسم مكان ظرف ليجري ، ومن الإنسان حال منه أي : يجري في الإنسان مجرى الدم كائنا من الإنسان ، أو بدل البعض من الإنسان ، أي : يجري في الإنسان حيث يجري فيه الدم ، أو معناه أن الشيطان لا ينفك عن الإنسان ما جرى دمه في عروقه أي : ما دام حيا ، وقيل : يجوز إرادة الحقيقة فإن الشياطين أجسام لطيفة قادرة بأقدار الله تعالى على كمال التصرف ابتلاء للبشر . ( متفق عليه ) : وفي الجامع الصغير : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، رواه أحمد ، والشيخان ، وأبو داود عن أنس ، ورواه الشيخان ، وأبو داود ، وابن ماجة عن صفية .

التالي السابق


الخدمات العلمية