صفحة جزء
836 - وعن عمرو بن حريث رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر : والليل إذا عسعس ، رواه مسلم .


836 - ( وعن عمرو بن حريث ) : مصغرا مخزومي ، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، وسمع منه ، ومسح عليه السلام برأسه ، ودعا له بالبركة ، ( أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر : والليل إذا عسعس ) ، أي : أدبر ، وقيل : أي أقبل ظلامه ، وهذا يوهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بهذه الآية ؛ ولذا قال ابن حجر : وظاهره أنه عليه السلام اكتفى بقراءة هذه الآية فيفيد التخفيف في الصبح اهـ ، وهو مخالف لما ثبت عنه عليه السلام ؛ إذ لم يرد عنه أنه قط اكتفى بما دون ثلاث آيات ، وأما قوله : ويحتمل أنه عليه السلام اقتصر على هذه الآية لأمر مهم له فهو بعيد جدا ؛ إذ لو كان لنقل ، وذكر في شرح السنة أن الشافعي رحمه الله قال : يعني به إذا الشمس كورت بناء على أن قراءة السورة بتمامها وإن قصرت أفضل من بعضها وإن طال ، قاله الطيبي ، فالمعنى قرأ سورة ، هذه الآية فيها ، ويحتمل أنه قرأ : والليل إذا عسعس إلى آخر السورة .

قال ابن حجر : اختلف أصحاب الشافعي في هذه المسألة فقال كثيرون : السورة الكاملة أفضل من بعض سورة وإن طال ، كما أن التضحية بشاة أفضل من المشاركة في بعير ، وإن كان الشرك أكثر لحما ؛ ولأن السورة لها مقطع ومفصل تام عن غيرها لا يدركه كل أحد ، بخلاف بعض السورة ، ولا بعد في أن قراءة الكوثر مثلا أفضل وأعظم أجرا في الصلاة بخصوصها من معظم البقرة لكون الثواب المترتب على قراءة السورة الكاملة في الصلاة أفضل ؛ ولأن في التأسي والاتباع له صلى الله عليه وسلم من المزية ما يعادل الثواب الكثير ويزيد عليه ، كما نظروا لذلك في تفضيلهم صلاة الظهر بمنى يوم النحر عليها بالمسجد الحرام ، ولم ينظروا لما فيه من المضاعفة وصلاة النافلة بالبيت عليها بالمسجد الحرام ، ولم ينظروا لذلك أيضا ، والغالب من قراءته عليه السلام السورة التامة ، بل قال بعضهم : لم ينقل عنه عليه السلام قراءته السورة إلا كاملة ، ولم ينقل عنه التفريق إلا في المغرب قرأ فيها الأعراف في ركعتين ، وركعتي الفجر قرأ بآيتي البقرة وآل عمران ، وقال آخرون : إنما هي أفضل من قدرها فقط ، قالوا عملا بالقياس : إن كل حرف بعشرة ، وتوسع بعضهم فقالوا : الأطول أفضل من حيث الطول ، والسورة أفضل من حيث إنها سورة كاملة فلكل منهما ترجيح من وجه ، ومحل الخلاف في غير التراويح ، فتجزئة القرآن فيها بحيث يختم جميعه في الشهر أفضل من السور القصار ؛ لأن السنة القيام فيها بجميع القرآن ، وأفتى بعض أئمتنا بأن من قرأ سورة في ركعتين إن فرقها لعذر كمرض حصل له ثواب السورة الكاملة ، والكلام في سورة طويلة كالأعراف بخلاف سورة ثلاث آيات أو أربع فتفريقها خلاف السنة اهـ ، ( رواه مسلم : قال ميرك : وأبو داود اهـ .

وروى الطبراني بسند حسن ، أنه عليه السلام قال : " لا تقرأ في الصبح بدون عشرين آية ، ولا تقرأ في العشاء بدون عشر آيات " اهـ ، والظاهر أن المراد بالعشرين والعشر أن يكون في كل ركعة ؛ ولذا قال بعض علمائنا في أحد الأسفار : إنه يمكنه ترتيل أربعين آية في الإعادة لو وقع فساد في آخر صلاته .

[ ص: 693 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية