صفحة جزء
80 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كل شيء بقدر حتى العجز ، والكيس ) رواه مسلم .


80 - ( وعن ابن عمر ) : رضي الله عنهما ( قال : قال رسول الله ) : ( كل شيء بقدر ) : بفتح الدال أي : بمقدار مرتب مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن يوجد في الخارج على حسب ما اقتضته الحكمة ( حتى العجز ، والكيس ) : بفتح الكاف وروي برفعها عطفا على كل ، أو على أنه مبتدأ حذف خبره أي : حتى العجز ، والكيس كذلك أي : كائنان بقدر الله تعالى ، وبجرهما عطفا على شيء . قيل : والأوجه أن يكون حتى هنا جارة بمعنى إلى لأن معنى الحديث يقتضي الغاية ؛ لأنه أراد بذلك أن اكتساب العباد ، وأفعالهم كلها بتقدير خالقهم حتى الكيس الذي يتوسل صاحبه به إلى البغية ، والعجز الذي يتأخر به عنها ، وقيل : المراد من العجز هنا عدم القدرة ، أو ترك ما يجب فعله ، والتسويف به ، والتأخير عن وقته ، أو العجز عن الطاعة ، والكيس ضد العجز ، وهو النشاط ، والحذق بالأمور ، ومعناه أن العاجز قد قدر عجزه ، والكيس قد قدر كيسه ، وقيل : الكيس هو كمال العقل ، وشدة معرفة الأمور ، وتمييز ما فيه النفع مما فيه الضر ، والعجز مقابله ، وقيل : قوبل الكيس بالعجز على المعنى ؛ لأن المقابل الحقيقي للكيس البلادة ، وللعجز القوة ، وفائدة هذا الأسلوب تقييد كل من اللفظين . مما يقابل الآخر كأنه قيل : حتى الكيس ، والقوة ، والعجز ، والبلادة من قدر الله تعالى ، فهو رد على من أثبت القدرة ، والاختيار للعباد ؛ لأن مصدر الفعل الداعية ، ومنشؤها القلب الموصوف بالكياسة والبلادة ، ثم القوة ، والضعف ، ومكانها الأعضاء ، والجوارح ، وإذا كان الكل بقضاء الله وقدره فأي شيء يخرج منهما ، وقال التوربشتي : الكيس جودة القريحة ، وإنما قوبل بالعجز ؛ لأنه الخصلة التي تفضي بصاحبها إلى الجلادة ، وإتيان الأمور من أبوابها ، وذلك نقيض العجز ، والعجز هنا عدم القدرة . وقال المظهر : يعني أن من كان عاجزا وضعيفا في الجثة ، أو الرأي ، والتمييز ، أو ناقص الخلقة لا تعيره ، فإن ذلك بتقدير الله تعالى ، وخلقه إياه على هذه الصفة ، ومن كان كامل العقل بصيرا بالأمور تام الجثة ، فهو أيضا بتقدير الله تعالى ، وليس ذلك بقوته ، وقدرته ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله . قيل الوجه ما ذكره التوربشتي . ( رواه مسلم ) : وكذا أحمد .

[ ص: 149 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية