صفحة جزء
872 - وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده : " سبوح قدوس ، رب الملائكة والروح " ، رواه مسلم .


872 - ( وعنها ) : أي عن عائشة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ) ، أي : أحيانا ( يقول في ركوعه وسجوده : " سبوح قدوس ) ، قال في النهاية : يرويان بالضم ، والفتح قياس ، والضم أكثر استعمالا ، وهو من أبنية المبالغة ، والمراد التنزيه اهـ ، ولعل التكرير للتأكيد ، أو أحدهما لتنزيه الذات والآخر لتنزيه الصفات ، قال المظهر : هما خبران لمبتدأ محذوف تقديره : ركوعي وسجودي لمن هو سبوح وقدوس ، أي : منزه عن أوصاف المخلوقات ، ذكره الطيبي ، وتبعه ابن حجر ، والأظهر أن تقديره : أنت سبوح أو هو سبوح ، أي : منزه عن كل عيب من سبحت الله ، أي : نزهته ، وقدوس أي طاهر من كل عيب ومنزه عن كل ما يستقبح ، فعول لمبالغة المفعول ، ( رب الملائكة ) : قال ابن حجر : أي الذين هم أعظم العوالم وأطوعهم لله ، وأدومهم على عبادته ، ومن ثم أضيفت التربية إليهم بخصوصهم ، وفي حديث عند أبي الشيخ : " ليس من خلق الله أكثر من الملائكة ، ما من شيء ينبت إلا وملك موكل به " ، وفي أثر : ينزل مع المطر من الملائكة أكثر من ولد آدم وولد إبليس يحصون كل قطرة ، وأين تقع ، ومن يرزق ذلك النبات .

[ ص: 710 ] وأخرج جمع حفاظ أنه عليه الصلاة والسلام قال : " إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من مخافته ، ما منهم ملك يقطر من عينه دمعة إلا وقعت ملكا يسبح وملائكة سجودا ، منذ خلق الله السماوات والأرض لم يرفعوا رءوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة ، وملائكة ركوعا لم يرفعوا رءوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة ، وصفوفا لم ينصرفوا عن مصافهم ولا ينصرفون عنها إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة تجلى لهم ربهم عز وجل ، فنظروا إليه وقالوا : " سبحانك ما عبدناك كما ينبغي لك " ، وفي حديث الطبراني " ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم وملك ساجد ، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلا أنا لم نشرك بك شيئا " ، وفي أثر : إن لجبريل في كل يوم انغماسة في الكوثر ثم ينتفض ، فكل قطرة يخلق منها ملك ، وعن كعب : ما من موضع خرم إبرة في الأرض إلا وملك موكل بها يرفع علم ذلك إلى الله تعالى ، وفي حديث عبد بن المنذر : يصلي في البيت المعمور وهو بحيال الكعبة كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون إليه ، وأن الكروبيين الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون تسعة أعشار الملائكة ، والعشر الباقي قد وكلوا بحراسة كل شيء ( والروح ) ، قال الطيبي : هو الروح الذي به قوام كل شيء ، غير أنا إذا اعتبرنا النظائر من التنزيل كقوله تعالى : يوم يقوم الروح والملائكة صفا وغيره ، فالمراد جبريل خص بالذكر تفضيلا ، وقيل : الروح صنف من الملائكة اهـ .

وقيل : ملك يكون صفا من الملائكة ، قال ابن حجر : هو جبريل لقوله تعالى : نزل به الروح الأمين أو ملك من أعظم الملائكة خلقا ، كما أخرجه جمع حفاظ عن ابن عباس ، أو حاجب الله يقوم بين يديه يوم القيامة وهو أعظم الملائكة ، لو فتح فاه لوسع جميع الملائكة ، فالخلق إليه ينظرون ، فمن مخافته لا يرفعون طرفهم إلى من فوقه أخرجه أبو الشيخ عن الضحاك ، أو ملك له سبعون ألف وجه ، لكل وجه سبعون ألف لسان ، لكل لسان سبعون ألف لغة ، يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها ، يخلق الله من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة ، أخرجه جمع أئمة عن علي رضي الله عنه ، لكن سنده ضعيف ، أو ملك واحد له عشرة آلاف جناح جناحان منها ما بين المشرق والمغرب ، له ألف وجه في كل وجه ألف لسان وعينان وشفتان يسبحان الله إلى يوم القيامة ، أخرجه جمع عن ابن عباس أيضا ، أو ملك أشرف الملائكة ، وأقربهم من الرب وهو صاحب الوحي ، أخرجه ابن المنذر وغيره عن مقاتل بن حيان : أو ملك في السماء الرابعة أعظم من السماوات والجبال ، ومن الملائكة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة ، يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكا من الملائكة ، يجيء صفا واحدا ، أخرجه ابن جرير ، عن ابن مسعود ، أو خلق على صور بني آدم أخرجه جمع أئمة عن ابن عباس ، وعن مجاهد ، وأخرج جمع عنه : الروح يأكلون ، ولهم أيد وأرجل ورءوس ، وليسوا بملائكة . وجمع عن ابن عباس : ما نزل من السماء ملك إلا ومعه واحد من الروح ، وأخرج بعض حفاظ عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الروح جند من جنود الله ليسوا بملائكة لهم رءوس وأيد وأرجل ثم قرأ يوم يقوم الروح والملائكة صفا قال : " هؤلاء جند وهؤلاء جند " ، وأخرج جمع عن عبد الله بن بريدة قال : ما يبلغ الإنس والجن والملائكة والشياطين عشر الروح ، وأخرج أبو الشيخ ، عن سلمان أن الإنس عشر الجن ، والجن عشر الملائكة ، وهم عشر الروح ، وهم عشر الكروبيين ، وعن أبي نجيح : الروح حفظة على الملائكة ، وعن مجاهد : هم منهم لكنهم لا يرونهم ، هذا ولا يستفاد من هذه الإضافة فضل الملائكة على بني آدم ، لما تقرر أن سبب الإضافة كونهم أعظم خلق الله تعالى ( رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه أبو داود ، والنسائي ، وأحمد .

[ ص: 711 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية