صفحة جزء
876 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال : " اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماوات وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد : اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " ، رواه مسلم .


876 - ( وعن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال ) ، أي : حين انفراده ( اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء ) : بالرفع بتقدير أنت ، وهو الأنسب للسياق واللحاق ، أو بتقدير هو وبالنصب على المدح ، أو بتقدير يا أهل الثناء ( والمجد ) ، أي : العظمة أو الكرم ( أحق ما قال العبد ) : بالرفع ، ( وما ) ، موصولة أو موصوفة وأل للجنس أو للعهد والمعهود النبي صلى الله عليه وسلم ، أي : أنت أحق بما قال العبد لك من المدح من غيرك ، أو يكون التقدير المذكور ، من الحمد الكثير أحق ما قاله العبد ، والأظهر أن يكون ( أحق ) مبتدأ ، وقوله اللهم إلخ خبره ، والجملة الحالية معترضة بين المبتدأ والخبر ، وبالنصب على المدح أو على المصدر ، أي : قلت أحق ما قال العبد ، أي : أصدقه وأثبته ، قال ابن الملك ويجوز كونه فعلا ماضيا من أحق ، أي : أصاب العبد الحق فيما قال بأنك أهل الثناء والمجد ، قال الطيبي : وفي بعض الروايات حق ما قال العبد فعلى هذا هو كلام تام وضع على سبيل الاستئناف ، وقوله : ( وكلنا لك عبد ) : تذييل على هذه الرواية اهـ .

وهي تحتمل أن يكون حق ماضيا أو وصفا ، قال زين العرب : ويروى حق بلا ألف ، فهو خبر ، وما مبتدأ ، وعلى الرواية الأولى ما مجرورة بالإضافة ( اللهم لا مانع ) ، أي : من أحد ( لما أعطيت ) ، أي : العبد شيئا من العطاء ابتداء ، أو بسابقة عمل ( ولا معطي ) : من أحد ( لما منعت ) ، أي : للشيء الذي منعته من الأشياء ، أو من الإعطاء أحد ، وهو مقتبس من قوله تعالى : ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وينبغي أن لا يحجبك المنع والعطاء عن مولاك ، لقول ابن عطاء : ربما أعطاك فمنعك ، وربما منعك فأعطاك ، ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) : المشهور فتح الجيم ، بمعنى العظمة أو الحظ أو الغنى أو النسب .

قال التوربشتي : أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه ، وربما ينفعه العمل بطاعتك ، فمعنى منك : عندك ، ويحتمل وجها آخر : أي لا يسلمه من عذابك غناه ، قال المظهر : أي لا يمنع عظمة الرجل وغناه عذابك عنه إن شئت عذابه ، وقيل : لا ينفع ذا الحظ ، والإقبال بذلك ، أي : بدل طاعتك ، وقيل : ( لا ينفع ) معطوف على ما قبله ، أي : ولا ينفع عطاؤه كما لا يضر منعه وذا الجد منادى ، أي : يا ذا الجد يعني يا ذا الغنى والعظمة والحظ ، منك الجد لا من غيرك ، وقيل : الجد أبو الأب وأبو الأم ، أي : لا ينفع ذا النسب الشريف نسبه منك ، وقال الراغب : المعنى لا يتوصل إلى ثواب الله تعالى في الآخرة بالجد ، وإنما ذلك بالجد بالطاعة اهـ .

وفي بعض الروايات وقليل من النسخ بكسر الجيم ، فالمعنى لا ينفعه مجرد جده وجهده ، وإنما ينفعه التوفيق والقبول منك بعمله ، ( رواه مسلم ) : وقال ميرك رواه أبو داود ، والنسائي .

[ ص: 713 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية