صفحة جزء
877 - وعن رفاعة بن رافع رضي الله عنه ، قال : كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة ، قال : " سمع الله لمن حمده " : فقال رجل وراءه : ربنا ولك الحمد ، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال : " من المتكلم آنفا " ، قال : أنا قال : " رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها ، أيهم يكتبها أول " ، رواه البخاري .


877 - ( وعن رفاعة بن رافع قال : كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رفع رأسه من الركعة ) ، أي : الركوع ولعله عنى ركعة ؛ لأن المقتدي بإدراكه يدرك ركعة ( قال : " سمع الله لمن حمده " فقال رجل وراءه : ربنا ولك الحمد ) ، أي : لك النعمة ولك الحمد ( حمدا كثيرا ) : كثرة الكائنات وما شاء الله بعدها ( طيبا ) ، أي : خالصا منزها عن النقصان ( مباركا فيه ) ، أي : شاملا لجميع النعم ( فلما انصرف ) : صلى الله عليه وسلم ( قال : " من المتكلم آنفا ؟ ) : بالمد ويقصر أي الآن ( قال ) : أي الرجل ( أنا ) ، أي ذلك المتكلم ( قال : " رأيت ) : وفي رواية للطبراني : والذي نفسي بيده لقد رأيت ، ( بضعة ) : وهي من الثلاثة إلى التسعة ( وثلاثين ملكا ) : الظاهر أن لكل حرف ملكا فإن حروف الكلمات أربع وثلاثون ( يبتدرونها ) ، أي : يسارعون في كتابة هذه الكلمات ( أيهم يكتبها أول ) ، أي : سابقا عن الآخرين لعظم قدر هذه الكلمات قال ابن الملك قوله : أول بالنصب هو الأوجه ، أي : أول مرة : قال في المفاتيح : نصبه على الحال ، أو الظرف ، قال العسقلاني : روي ( أول ) بالضم على البناء وبالنصب على الحال وأما أيهم فرويناه بالرفع مبتدأ خبره يكتبها ، وقال الطيبي : أول مبني على الضم بحذف المضاف ، أي : يسرع كل واحد منهم ليكتبها قبل الآخر ، ويصعدها ، قال ابن حجر : وفي رواية : أولا ، ولكل وجه إذ الأول مبني على الضم لقطعه عن الإضافة لفظا لا معنى أي : أولهم ، وقال الدماميني : أيهم استفهامية مبتدأ خبره يكتبها .

فإن قلت : بماذا تتعلق هذه الجملة الاستفهامية ؟ قلت : بمحذوف دل عليه يبتدرونها كأنه قيل : يبتدرونها ليعلموا أيهم يكتبها ، ولا يصح أن يكون معلقا بيبتدرون ؛ لأنه ليس من الأفعال التي يعلق بها الاستفهام ، واقتصر الزركشي حيث جعلها استفهامية ، على أن المعلق هو يبتدرون ، وإن لم يكن قلبيا ، وهذا مذهب مرغوب عنه يعني : فلا ينبغي أن يحمل عليه كلام النبي صلى الله عليه وسلم وجوز كون أي الموصولة بدلا من فاعل يبتدرون ( رواه البخاري ) ، قال ميرك : العجب أن الحاكم روى حديث رفاعة بن رافع في مستدركه على الصحيحين ، وهو في البخاري ، ورجال الحاكم رجاله إلا أنه في المستدرك من طريق عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك ، وفي البخاري ، عن القعنبي عن مالك اهـ ، وفيه أنه يكفي هذه المغايرة بينهما والله أعلم .

قال ابن حجر : وروى الطبراني أن رجلا عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حتى يرضى ربنا بعد الرضا والحمد لله على كل حال ، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من صاحب الكلمات " قال الرجل : أنا يا رسول الله ، قال : " لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها " ولعل هذا العدد باعتبار الكلمات ، ويكون الحمد لله على كل حال للتأكيد والتذييل بمنزلة الفذلكة الدالة على الإجمال بعد التفصيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية