صفحة جزء
[ ص: 718 ] ( 14 ) باب السجود وفضله .

الفصل الأول

887 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم : الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين ، ولا نكفت الثياب ولا الشعر " ، متفق عليه .


[ 14 ] - باب السجود وفضله .

أي : كيفيته ، ( وفضله ) ، أي : ما ورد في فضيلته ؛ لأنه بانفراده عبادة بخلاف الركوع .

الفصل الأول

887 - ( عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ) : جمع عظم ، أي : أمرت بأن أضع هذه الأعضاء السبعة على الأرض إذا سجدت ( على الجبهة ) : بدل بإعادة الجار ويتبعها الأنف ، قال ابن حجر : الجبهة ما بين الجبينين ، وهما جانبا الرأس ، وقدمها لشرفها ولحصول مقصود السجود الذي هو غاية الخضوع بهما ( واليدين ) ، أي : الكفين ، قال ابن حجر : أي بطونهما لخبر البيهقي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد ضم أصابعه ، وجعل يديه حذو منكبيه ، ويرفع مرفقيه ، ويعتمد على راحتيه ( والركبتين وأطراف القدمين ) : اعلم أن في مذهب أبي حنيفة : لو وضع جبهته دون أنفه جاز بالاتفاق وغيره من غير عذر ، وإن وضع أنفه وحده فكذلك عند أبي حنيفة ، " وقالا " : لا يجوز السجود بالأنف وحده إلا إذا كان بجبهته عذر ، كذا في شرح المنية ، ولا بد من طرف أحد القدمين ، وأما وضع اليدين والركبتين فسنة في السجود ، قال ابن حجر : وأخذ أئمتنا من الاقتصار على هذه السبعة أنه لا يجب وضع الأنف ، وأجابوا عن الأحاديث الظاهرة في وجوب وضعه الذي قال به جمع من المجتهدين ، كخبر : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم : على الجبهة والأنف واليدين إلخ ، وكالخبر الصحيح : كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد مكن جبهته وأنفه من الأرض ، وكرواية الصحيحين : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ) ، على الجبهة ، وأشار بيده إلى أنفه ، واليدين إلخ ، بحملها على الندب ، وفيه نظر ؛ لأن هذه زيادة يجب الأخذ بها ، نعم خبر " لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض بشيء " مرسل ، ورفعه لا يثبت اهـ .

والمرسل حجة عندنا ، وهو في حكم المرفوع ؛ لأنه لا يقال مثل هذا بالرأي " ولا نكفت " بكسر الفاء وقال ابن الملك : بالنصب ، أي : نهينا أن نضم ونجمع ( الثياب ) ، وقاية من التراب ( ولا الشعر ) : بفتح العين وتسكن ، ( ولا ) مزيدة للتأكيد ، وهي غير موجودة في أكثر النسخ ، وقيل : وهو الأظهر أن التقدير : وأمرت أن لا نكفتهما بل نتركهما حتى يقعا على الأرض ليسجد بجميع الأعضاء والثياب ، قال الطيبي : فبهذا الحديث قالوا : يكره عقص الشعر وعقده خلف القفا ورفع الثياب عند السجود ، قال ابن حجر : يكره باتفاق العلماء تنزيها ضم شعره وثيابه في الصلاة ، وإن لم يتعمد ذلك بأن كان قبل الصلاة لشغل ، وصلى على حاله خلافا لمالك ، ومن كفتهما أن يعقص الشعر أو يضمه تحت عمامته ، وأن يشمر ثوبه أو يشد وسطه ، أو يغرز عذبته ، وحكمة النهي عن ذلك منعه من أن يسجد معه ، بهذا قالوا ، ومن حكمته أيضا منافاة ذلك للخشوع إن فعله في الصلاة أو لهيئة الخاشع إن لم يفعله فيها .

قال القاضي : قوله : أمرت يدل عرفا على أن الآمر هو الله تعالى ، وذلك يقتضي وجوب وضع هذه الأعضاء في السجود على الأرض ، وللعلماء فيه أقوال ، فأحد قولي الشافعي وأحمد أن الواجب وضع جميعها أخذا بظاهر الحديث ، والقول الآخر أن الواجب وضع الجبهة وحده ؛ لأنه عليه السلام اقتصر عليه في قصة رفاعة قال : [ ص: 719 ] فليمكن جبهته من الأرض ووضع الأعظم الستة الباقية سنة ، والأمر محمول على الأمر المشترك بين الواجب والندب توفيقا بينهما ؛ ولأن المعطوف على " أسجد " وهو قوله : " ولا نكفت " ليس بواجب وفاقا ، ومعناه : أن يرسل الشعر والثوب ولا يضمهما إلى نفسه وقاية لهما من التراب والكفت : الضم .

قلت : والأظهر أن يكون الأمر للاستحباب ووجوب ما يجب علم من دليل آخر ، ثم قال : وعند أبي حنيفة يجب وضع أحد العضوين من الجبهة والأنف لوقوع اسم السجود عليه ؛ ولأن عظم الأنف متصل بعظم الجبهة متحد به ، فوضعه كوضع جزء من الجبهة ، وعند مالك والأوزاعي والثوري وجوب وضعهما معا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ما يصيب أنفه بشيء من الأرض فقال : " لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية