صفحة جزء
893 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش ، فالتمسته ، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد ، وهما منصوبتان ، وهو يقول : اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " رواه مسلم .


893 - ( وعن عائشة قالت : فقدت ) : ضد صادفت ، أي : طلبت فما وجدت ( رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش ) : متعلق بفقدت ، والمعنى استيقظت فلم أجده بجنبي على فراشه ( فالتمسته ) ، أي : طلبته باليد قيل : فمددت يدي من الحجرة إلى المسجد ( فوقعت يدي ) : بالإفراد ( على بطن قدميه ) : قال القاضي : يدل على أن الملموس لا يفسد وضوءه ، إذ اللمس الاتفاقي لا أثر له ؛ إذ لولا ذلك لما استمر على السجود ، قال الأشرف : ويمكن أن يقال : كان بين اللامس والملموس حائل ، ذكره الطيبي ، وظاهر الحديث يوافق مذهبنا ( وهو في المسجد ) : بفتح الجيم ، أي : في السجود فهو مصدر ميمي أو في الموضع الذي كان يصلي فيه في حجرته ، وفي نسخة بكسر الجيم وهو يحتمل مسجد البيت بمعنى معبده ، والمسجد النبوي ، قال الطيبي : قوله : في المسجد هكذا في صحيح مسلم ، وكتاب الحميدي ، وفي أكثر نسخ المصابيح ، وفي بعضها في السجدة ، وفي بعضها في السجود ، وأغرب ابن حجر حيث جعل أصل المشكاة وهو " في السجدة " ، ثم قال : وفي نسخة ( المسجد ) وهو ما في صحيح مسلم وغيره ، والأولى في بعض نسخ المصابيح ، وفي بعضها " السجود " ، والذي في أكثرها ما في مسلم اهـ .

ووجه الغرابة أن النسخة التي هي أصل المشكاة على ما في النسخ المصححة المقروءة المطابقة لما في أكثر نسخ المصابيح الموافقة لما في صحيح مسلم جعلها نسخة ، والنسخة التي هي موجودة في بعض نسخ المصابيح جعلها أصلا مع مخالفته لما في مسلم ، مع أنها ليس في نسخة المشكاة أصلا ( وهما ) ، أي : قدماه ( منصوبتان ) ، أي : قائمتان ثابتتان ( وهو يقول : " اللهم إني ) : بسكون الياء ويفتح ( أعوذ برضاك من سخطك ) ، أي : من فعل يوجب سخطك علي أو على أمتي ( وبمعافاتك ) ، أي : بعفوك وأتى بالمغالبة للمبالغة ، أي : بعفوك الكثير ( من عقوبتك ) : وهي أثر من آثار السخط ، وإنما استعاذ بصفات الرحمة لسبقها وظهورها " من " صفات الغضب ( وأعوذ بك منك ) : إذ لا يملك أحد معك شيئا ، فلا يعيذه منك إلا أنت ، قال الطيبي : وفي رواية أخرى بدأ بالمعافاة ثم بالرضا ، فيكون الابتداء بصفات الأفعال ، ثم بصفات الذات ، ثم بالذات مترقيا اهـ .

وكذا ذكره الإمام الغزالي في الإحياء ، وأما قول ابن حجر : وهذا من باب التدلي من صفات الذات إلى صفات الأفعال ، وفي رواية عكسه ليكون من باب الترقي إذ صفات الذات أجل وأفخم اهـ ، فغفلة عن الختم بالذات ، إذا لا يصح معه التدلي ، كما هو ظاهر أنه بين الأمور الثلاثة ، ( لا أحصي ثناء عليك ) : قال الطيبي : الأصل في الإحصاء العد بالحصى ، أي : لا أطيق أن أثني عليك كما تستحقه ( أنت كما أثنيت ) : " ما " موصولة [ ص: 722 ] أو موصوفة ، والكاف بمعنى " مثل " ، قاله الطيبي ( والأظهر أن يقال : لا أطيق أن أعد وأحصر فردا من أفراد الثناء الواجب لك علي في كل لحظة وذرة إذ لا تخلو لمحة قط من وصول إحسان منك إلي ، وكل ذرة من تلك الذرات لو أردت أن أحصي ما في طيها من النعم لعجزت لكثرتها جدا ، قال الله تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها فأنا العاجز عن قيام شكرك فأسألك رضاك وعفوك ، وأما قول ابن حجر : وفي جعل الشارح الكاف بمعنى " مثل " وأنه زائد بعد أي بعد - فبعيد ، أي : بعيد ولم يقل الشارح بزيادته ، ولا يفهم من كلامه ( على نفسك ) : أي : ذاتك بقولك ، فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين ، وله الكبرياء في السماوات والأرض ، وهو العزيز الحكيم ، ( رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه الأربعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية