صفحة جزء
946 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : لا يجعل أحدكم للشيطان شيئا من صلاته يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره ، متفق عليه .


946 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : لا يجعل ) : قال الأبهري : وفي رواية للكشميهني : لا " يجعلن " ، ( أحدكم للشيطان شيئا من صلاته يرى ) : بضم الياء وفتحها ، أي : يظن أحدكم أو يعتقد ، وهو استئناف ، كأن قائلا يقول : كيف يجعل أحدنا حظا للشيطان من صلاته ؟ فقال : يرى ( أن حقا ) ، أي : واجبا ( عليه أن لا ينصرف ) ، أي : يذهب أنه حق عليه أن لا ينصرف إذا فرغ من الصلاة ( إلا عن يمينه ) ، أي : جانب يمينه ، فمن اعتقد ذلك فقد تابع الشيطان في اعتقاده أحقية ما ليس بحق عليه ، فذهب كمال صلاته .

قال الأبهري ، فإن قلت : " أن لا ينصرف " معرفة إذ تقديره عدم الانصراف ، وقد صرح الزمخشري بتعريف مثله ، فكيف وقع خبرا لأن ، واسمه نكرة ؟ قلت : إما لأن النكرة المخصوصة كالمعرف ، أو لأنه من باب القلب ، أي : يرى أن عدم الانصراف حق عليه ، وفي بعض الروايات أن بغير التشديد ، فهي إما مخففة من الثقيلة ، وحقا مفعول مطلق وفعله محذوف ، أي : قد حق حقا ، و " أن لا ينصرف " فاعل الفعل المقدر ، وإما مصدرية ، ( لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره : هذا يدل على كمال اطلاع الراوي على أحواله صلى الله عليه وسلم ، قال الطيبي : وفيه أن من أصر على أمر مندوب ، وجعله عزما ، ولم يعمل بالرخصة فقد أصاب منه الشيطان من الإضلال فكيف من أصر على بدعة أو منكر ؟ وجاء في حديث ابن مسعود : " إن الله - عز وجل - يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه اهـ ، ويؤخذ منه ومن غيره أنه لا يكره أن يقال انصرفنا من الصلاة ; وإن كرهه ابن عباس - رضي الله عنه - محتجا بقوله تعالى : ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم ، ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية