صفحة جزء
[ ص: 834 ] 1054 - وعنه ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى ، فقال : يا رسول الله ! إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته ، فرخص له ، فلما ولى دعاه ، فقال : " هل تسمع النداء بالصلاة ؟ " قال : نعم ، قال : " فأجب " . رواه مسلم .


1054 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة ( قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى ) : هو ابن أم مكتوم ، واسمه عبد الله كما جاء مصرحا به في رواية أبي داود وغيره ، ( فقال : يا رسول الله ! إنه ليس لي قائد ) أي : عبد أو خادم ( يقودني ) أي : يمسكني ويأتي معي ( إلى المسجد ) : لصلاة الجماعة ( فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي : طلب منه ( أن يرخص له ) أي : في ترك الجماعة في المسجد ( فيصلي في بيته ) : إما جماعة أو منفردا ( فرخص له ) أي : رخص أولا ( فلما ولى ) أي : رجع وأدبر ( دعاه ، فقال : " هل تسمع النداء ) أي : الإعلام والتأذين ( بالصلاة ؟ ) قال : نعم ، قال : " فأجب ) أي : فأت الجماعة ، قال الطيبي : فيه دليل على وجوب الجماعة ، وقيل : حث ومبالغة في الأفضل الأليق بحاله ، فإنه من فضلاء المهاجرين ، رخص أولا ; ثم رده ; إما بوحي أو بتغيير اجتهاد اهـ .

والظاهر أنه أطلق له الجواب ، ثم قيده بقيد عدم السماع ، وقال ابن الملك : وإنما لم يرخص له مع عدم وجدانه قائدا لعلمه بقدرته على الحضور بلا قائد ; أو للتأكيد في الجماعة ، قال : واستدل به أبو ثور على وجوب حضور الجماعة ، وقال بعض الشافعية : هي فرض على الكفاية والأصح أنه سنة مؤكدة ، وعليه الأكثرون . ( رواه مسلم ) .

قال ابن الهمام : وما روي عن ابن أم مكتوم أنه قال : يا رسول الله ! إني ضرير شاسع الدار أي بعيدها ، ولي قائد لا يلائمني ، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال : " أتسمع النداء ؟ " قال : نعم ، قال : " ما أجد لك رخصة " . رواه أبو داود ، وأحمد ، والحاكم ، وغيرهم ، ومعناه لا أجد لك رخصة تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها ، لا الإيجاب على الأعمى ، فإنه عليه السلام رخص لعتبان بن مالك في تركها ، وقال ابن حجر : ليس فيه دلالة على فرضية العين لإجماع المسلمين على أن الجماعة تسقط بالعذر ، ولحديث الصحيحين : أنه عليه السلام رخص لعتبان حيث شكا بصره أن يصلي في بيته اهـ . وفيه أنه ما ادعى أحد أنها فرض عين مع وجود العذر أيضا فتدبر ، ويؤيد ما قلنا " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر " ، ويؤيده الحديثان ، وإن قيل : إنهما ضعيفان " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ، " ومن تخلف عن الجماعة لغير عذر لم تقبل صلاته " ، وإنما لم يقل أئمتنا بفرضيته بل بوجوبه ; لأن الدليل ظني .

التالي السابق


الخدمات العلمية