صفحة جزء
1110 - وعن أبي بكرة : أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع ، فركع قبل أن يصل إلى الصف ، ثم مشى إلى الصف . فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " زادك الله حرصا ، ولا تعد " . رواه البخاري .


1110 - ( وعن أبي بكرة : أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ) أي : النبي ( راكع ، فركع ، أي : نوى وكبر قائما .

وركع ( قبل أن يصل إلى الصف )
: ليدركه عليه السلام فإن من أدرك الركوع ، فقد أدرك تلك الركعة ( ثم مشى إلى الصف ) أي : بخطوتين أو بأكثر غير متوالية ( فذكر ) : على البناء للمفعول ، وقيل معلوم ( ذلك ) أي : ما فعله للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " زادك الله حرصا ) : على الطاعة والمبادرة إلى العبادة ( ولا تعد ) : بفتح التاء وضم العين من العود ، أي : لا تفعله مثل ما فعلته ثانيا . وروي ولا تعد بسكون العين وضم الدال من العدو ، أي : لا تسرع في المشي إلى الصلاة ، واصبر حتى تصل إلى الصف ، ثم اشرع في الصلاة ، وقيل : بضم التاء وكسر العين من الإعادة ، أي : لا تعد الصلاة التي صليتها .

قال النووي في شرح المهذب : فيه أقوال ، أحدها : لا تعد من العدو ، كقوله : " لا تأتوها تسعون " ، والثاني : لا تعد إلى التأخر عن الصلاة حتى تفوتك الركعة مع الإمام ، والثالث : لا تعد إلى الإحرام خلف الصف نقله ميرك ، ولا خفاء أن المعنى الثالث أنسب بالمقام ، والأجمع ما قال العسقلاني ضبطناه في جميع الروايات بفتح أوله وضم العين من العود ، أي : لا تعد إلى ما صنعت من السعي الشديد ، ثم من الركوع دون الصف ، ثم من المشي إلى الصف .

[ ص: 858 ] وقال الشيخ الجزري : " لا تعد " بفتح التاء وضم العين وإسكان الدال من العود ، أي : لا تعد ثانيا إلى مثل ذلك الفعل ، وهو المشي إلى الصف في الصلاة ، وإن كانت الخطوة والخطوتان لا تفسد الصلاة ، فالأولى التحرز عن ذلك ، ويحتمل أن يكون نهاه عن اقتدائه منفردا ، ويحتمل أن يكون عن ركوعه قبل الوصول إلى الصف ، والظاهر أنه نهى عن ذلك كله ، وقد أبعد من قال : ولا تعد بضم التاء وكسر العين من الإعادة ، أي : لا تعد ، وأبعد منه من قال : إنه بإسكان العين ، وضم الدال من العدو ، أي : لا تسرع ، وكلاهما لم يأت به رواية ، وإنما يحملهم على ذلك في أمثاله من تحريفهم ألفاظ النبوة وتغييرها كونهم لم يحفظوها أو ما وصلت إليهم بالرواية ، فيذكرون ما يحتمله الخط لعدم معرفتهم باللفظ المروي ، والله الموفق ، نقله ميرك .

قال القاضي : ذهب الجمهور إلى أن الانفراد خلف الصف مكروه غير مبطل ، وقال النخعي ، وحماد ، وابن أبي ليلى ، ووكيع ، وأحمد : مبطل ، والحديث حجة عليهم ، فإنه عليه السلام لم يأمره بالإعادة ولو كان الانفراد مفسدا لم تكن صلاته منعقدة لاقتران المفسد بتحريمها ، ومعنى لا تعد لا تفعل ثانيا مثل ما فعلت إن جعل نهيا عن اقتدائه منفردا ، أو ركوعه قبل أن يصل إلى الصف لا يدل على فساد الصلاة ; إذ ليس كل محرم يفسد الصلاة ، ويحتمل أن يكون عائدا إلى المشي إلى الصف في الصلاة ، فإن الخطوة والخطوتين وإن لم تفسد الصلاة لكن الأولى التحرز عنها . قيل : فعلى هذا النهي عن العود أمر بأن يقف حيث أحرم ويتم الصلاة منفردا ، قال التوربشتي ومحيي السنة : فيه دلالة على أن الانفراد خلف الصف لا يبطل ; لأنه لم يأمره بالإعادة ، وأرشده في المستقبل بما هو أفضل بقوله : ولا تعد ، فإنه نهي تنزيه لا تحريم ; إذ لو كان للتحريم لأمره بالإعادة ، ذكره الطيبي ، أي : أمره بالإعادة وجوبا لأداء صلاته على وجه الحرمة لا لأجل فسادها ، فإن التحريم لا يوجب الفساد لما تقدم في كلام القاضي . ( رواه البخاري ) : قال ميرك : ورواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية