صفحة جزء
1151 - وعنه ، قال : كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم العشاء وهي له نافلة . رواه .


1151 - ( وعنه ) أي : عن جابر ( قال : كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ) أي : العشاء التي كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم ، سواء نوى بها معاذ سنة العشاء أو نفلا ، ( ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم العشاء ) أي : فرض العشاء ( وهي ) أي الصلاة مرتين بالجماعة نفلا وفرضا ، أو الصلاة الأولى ، ولذا لم يقل وهذه ( له نافلة ) أي : زيادة خير مثوبة ، وأما القول بأن المعنى هي أي العشاء ثانيا له نافلة ، ولقومه مكتوبة العشاء فموقوف على السماع من معاذ إذ لم يعرف هذا إلا من قبله ; لأن النية بقلبه . وقد ذكر ابن الهمام أن النية باللسان بدعة ما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة ، مع أن هذه الزيادة ليست في الصحيح ، وعلى تقدير صحتها وتسليمهم في تأويلها محمول على أنها من ظن بعض الرواة ، فليست بحجة . ( رواه ) : بيض له المصنف ليبين راويه ، قال الطيبي : لم يبين المؤلف راويه من أصحاب السنن يشير إلى أنه ما وجده في الصحيحين ، قال الشيخ التوربشتي : هذا الحديث أثبت في المصابيح من طريقين ، أما الأول فقد رواه الشيخان ، وأما الثاني بالزيادة التي فيه وهي قوله : نافلة له ، فلم نجده في أحد الكتابين ، فإما أن يكون المؤلف أورده بيانا للحديث الأول فخفي قصده لإهمال التمييز بينهما ، أو هو سهو منه ، وإما أن يكون مزيدا من خائض اقتحم به الفضول إلى مهامه لم يعرف طرقها .

وقال السيد جمال الدين : قد تكلم بعض المحدثين على هذه الزيادة فقال : إنها غير محفوظة ، قال ميرك : لكن قال الشيخ ابن حجر : روى هذا الحديث مع هذه الزيادة عبد الرزاق ، والشافعي ، والطحاوي ، والدارقطني ، ورجاله رجال الصحيح ، وقال الشيخ الجزري في تصحيحه : وصححه البيهقي وغيره فكان ينبغي تأخيره للحساب ; لأن هذا الحديث ليس في الصحيحين ، ولا في أحدهما ولا في واحد من الكتب الستة وإنما رواه البيهقي وهذا لفظه والدارقطني وقال : وهي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء ، وقال الشافعي في مسنده : هذه زيادة صحيحة اهـ .

قلت : يحتمل أنه أراد أنها صحيحة معنى لموافقة مذهبه ، قال الطحاوي : إن ابن عيينة قد روى هذا الحديث عن عمرو بن دينار كما رواه ابن جريج وجاء به تاما ، وساقه أحسن من سياق ابن جريج غير أنه لم يقل فيه هذا الذي قاله ابن جريج هي له تطوع ولهم فريضة ، فيجوز أن يكون ذلك من قول ابن جريج ، ويجوز أن يكون من قول عمرو بن دينار ، ويجوز أن يكون من قول جابر ، فمن أي هؤلاء الثلاثة كان القول فليس فيه دليل على حقيقة فعل معاذ أنه كذلك أم لا ; لأنهم لم يحكوا ذلك عن معاذ إنما قالوا قولا على أنه عندهم كذلك ، وقد يجوز أن يكون في الحقيقة بخلاف ذلك ، ولو ثبت ذلك أيضا عن معاذ لم يكن في ذلك دليل أنه كان بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أخبر به لأقره أو غيره ، ولو كان أمرا منه لاحتمل أن يكون في وقت كانت الفريضة تصلى مرتين ، فإن ذلك كان يفعل في أول الإسلام حتى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر ذلك بأسانيده في باب صلاة الخوف اهـ .

ويؤيده حديث أحمد أن رجلا قال : يا رسول الله ! إن معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام ، ونكون في أعمالنا بالنهار فينادي بالصلاة فنخرج إليه فيطول علينا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك " .

التالي السابق


الخدمات العلمية