صفحة جزء
1226 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ينام أول الليل ، ويحيي آخره ، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم ينام ، فإن كان عند النداء الأول جنبا ، وثب فأفاض عليه الماء ، وإن لم يكن جنبا توضأ للصلاة ، ثم صلى ركعتين . متفق عليه .


1226 - ( وعن عائشة قالت : كان - تعني ) : تفسير لضمير كان ، قال ابن الملك ، أي : تريد عائشة بذلك ( رسول الله صلى الله عليه وسلم - ) : بالنصب وهو مفعول ( تعني ) في الظاهر ، واسم ( كان ) في المعنى ( ينام أول الليل ويحيي آخره ، ثم ) : قيل : يمكن إن ( ثم ) هنا لتراخي الأخبار ، ذكره الطيبي . والأظهر أنها على بابها ، ولذا قال ابن حجر ، أي : وبعد صلاته وفراغه من ورده ، ( وإن كانت ) : وفي نسخة : كان ( له حاجة ) ، أي : بعد إحياء الليلة ، قاله ابن الملك . ( إلى أهله ) : المراد مباشرة زوجته ( قضى حاجته ) ، أي : فعلها ( ثم ينام ) ، أي : للاستراحة ، وفي تقديم العبادة على قضاء الحاجة نكتة لا تخفى ، قاله ابن الملك ، وإنما ذكرت لفظة ( ثم ) ليعلم أن الجدير به عليه الصلاة والسلام تقديم العبادة على الشهوة وأمور العادة ، قال ابن حجر : تأخير الوطء إلى آخر الليل أولى ; لأن أول الليل قد يكون ممتلئا ، والجماع على الامتلاء مضر بالإجماع على أنه قد لا يتيسر له الغسل فينام على جنابة وهو مكروه ، ونومه عليه الصلاة والسلام بعد الوطء قبل الغسل كما في الحديث لبيان الجواز الذي لولاه لفهم من نهي الجنب عن النوم قبل الغسل من غير وضوء حرمته . اهـ .

وفيه أنه لا دلالة في الحديث أنه رقد من غير وضوء ، والأولى حمل فعله على الكمال ، والله أعلم بالحال . ( فإن كان عند النداء الأول ) : قيل ، أي : أذان بلال إذا مضى نصف الليل ، والنداء الثاني أذان ابن أم مكتوم عند الصبح ، والأظهر أن المراد بالنداء الأول الأذان ، وبالثاني الإقامة ، ثم رأيت ابن حجر نسب القول الأول إلى غلط فاحش ( جنبا ) ، أي : من أول الليل أو آخره ( وثب ) ، أي : قام بسرعة من النوم ( فأفاض عليه الماء ) ، أي : اغتسل ( وإن لم يكن جنبا توضأ للصلاة ) : وإما للتجديد أو لسبب آخر ( ثم صلى ركعتين ) ، أي : سنة الفجر ، وقال ابن الملك ، أي يبتدئ بهما كما ذكر في صلاة الليل وهو يناقض كلامه الأول أعني بعد إحياء الليل إلا أن يحمل على الإحياءين وأما قول ابن حجر : يحتمل أنهما سنة الوضوء فمحمول على مذهبه . ( متفق عليه ) : قال ميرك : ولفظه لمسلم . ورواه النسائي .

قلت : ورواه الترمذي في الشمائل مفصلا عن الأسود قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ؟ فقالت : كان ينام أول الليل ، أي : من بعد صلاة العشاء إلى تمام نصفه الأول ، قاله ابن حجر ، ثم يقوم ، أي : السدس الرابع والخامس للتهجد ، فإن كان من السحر أوتر ثم أتى فراشه ، أي : للنوم فإنه مستحب في السدس السادس ليقوى به على صلاة الصبح وما بعدها من وظائف الطاعات ، فإذا كان له حاجة ألم بأهله ، أي : قرب منهم لذلك ، فإن سمع الأذان ، ظاهره الأذان المتعارف عند تبين الصبح ، وثب فإن كان جنبا أفاض عليه من الماء وإلا توضأ وخرج إلى الصلاة ، قال ملا حنفي : وهذا بعد أن صلى بركعتي الفجر . اهـ . وبهذا يتضح معنى الحديث الأول ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية