صفحة جزء
الفصل الثالث

1301 - عن عبد الرحمن بن عبد القاري رضي الله عنهما ، قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ، يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال عمر : إني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثم عزم ، فجمعهم على أبي بن كعب ، ، قال : ثم خرجت معه ليلة أخرى ، والناس يصلون بصلاة قارئهم . قال عمر : نعمت البدعة هذه ، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون - يريد آخر الليل - وكان الناس يقومون أوله . رواه البخاري .


الفصل الثالث

1301 - ( عن عبد الرحمن بن عبد ) : بالتنوين ، قاله الطيبي ( القاري ) : بالياء المشددة ، نسبة إلى قبيلة قارة ، وهم عضل والديش ، قال المؤلف : والمشهور أن عبد الرحمن تابعي من أجلة تابعي المدينة ، يقال : ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس له منه سماع ولا رؤية ، وعده الواقدي من الصحابة فيمن ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

( قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ) : رضي الله عنه ( ليلة ) : أي في رمضان ( إلى المسجد ) ، أي : مسجد المدينة ، ( فإذا الناس ) ، أي : بعد صلاتهم العشاء جماعة واحدة ( أوزاع ) : بسكون الواو بعدها زاي فرق متفرقون ، فقوله : ( متفرقون ) : تأكيد لفظي ، كذا ذكره الأبهري ، وقال الطيبي : كعطف البيان وهو أظهر ، يعني : أنهم كانوا يتنفلون فيه بعد صلاة العشاء متفرقين . ( يصلي الرجل لنفسه ) : بيان لما أجمل أولا ، وحاصله أن بعضهم كان يصلي منفردا ، وبعضهم يصلي جماعة ، وهو معنى قوله : ( ويصلي الرجل ) ، أي : مؤتما ( فيصلي بصلاته الرهط ) : وفي نسخة صحيحة عليها رمز ظاهر : ويصلي الرجل فيصلي ، أي يقتدي بصلاته الرهط ، قال السيد أصيل الدين : هكذا وقع في البخاري ، ولا بد منه ، ولكن سقط من نسخ المشكاة التي رأيتها ، والظاهر أنه من الناسخ والله العاصم اهـ . وهو موجود في بعض النسخ التي رأيتها ، قال الطيبي ، أي يؤم الرجل جماعة دون العشرة . اهـ .

وتبعه ابن حجر ، والظاهر أنه أراد مطلق الجماعة أو قومه وقبيلته ، ففي القاموس الرهط - ويحرك - قوم الرجل وقبيلته ، أو من ثلاثة أو سبعة إلى عشرة ، أو ما دون العشرة ، أو ما فيهم امرأة ، ولا واحد له من لفظه ، وفي النهاية الرهط : من الرجال ما دون العشرة ، وقيل إلى الأربعين ، والرهط عشيرة الرجل وأهله . ( فقال عمر : إني لو ) : قال ابن حجر : وفي نسخة إني أرى لو ، وأخذ منها ابن ملك أن لو قد تعلق فعل القلب ( جمعت هؤلاء على قارئ واحد ) : يأتمون كلهم به ، ويسمعون قراءته ( لكان أمثل ) ، أي : أفضل والثواب أكمل ; لأن فيه اجتماع القلوب واتفاق الكلمة وإغاظة الشيطان ونمو الأعمال ، وغير ذلك من فوائد الجماعة التي تنيف على السبعة والعشرين ، ( ثم عزم ) ، أي : على ذلك وصمم عليه عمر ، ( فجمعهم ) ، أي : الرجال منهم ( على أبي بن كعب ) : لما قد ورد أنه أقرأ الصحابة ، وأمر - عليه الصلاة والسلام - بالقراءة عليه فقرأ سورة : ( لم يكن ) وفي رواية أنه جمعهم على تميم الدارمي ، ولا مانع أن هذا كان يؤم تارة والآخر أخرى ، وجمع النساء على سليمان بن أبي حثمة ( قال ) ، أي : عبد الرحمن ( ثم خرجت معه ) ، أي : مع عمر ( ليلة أخرى ، والناس يصلون بصلاة قارئهم ) : الإضافة للتعريف .

[ ص: 971 ] ( قال عمر : نعمت البدعة هذه ) ، أي : الجماعة الكبرى لا الصلاة فإنها سنة من أصلها ، قال الطيبي : يريد صلاة التراويح ، فإنه في حيز المدح ; لأنه فعل من أفعال الخير وتحريض على الجماعة المندوب إليها ، وإن كانت لم تكن في عهد أبي بكر رضي الله عنه ، فقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما قطعها إشفاقا من أن تفرض على أمته ، وكان عمر ممن نبه عليها وسنها على الدوام ، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة . ( والتي ) ، أي : الصلاة التي ( تنامون عنها ) ، أي : معرضين ( أفضل من التي تقومون ) ، أي : بها ، قال الطيبي : تنبيه منه على أن صلاة التراويح في آخر الليل أفضل ، وقد أخذ بها أهل مكة فإنهم يصلونها بعد أن يناموا ، قلت : لعلهم كانوا في الزمن الأول كذا ، وأما اليوم فجماعاتهم أوزاع متفرقون في أول الليل ، وفي كلامه رضي الله عنه ، إيماء إلى عذره في التخلف عنهم . ( يريد ) ، أي عمر ( آخر الليل ) : وهو قول عبد الرحمن أو غيره من الرواة ، وكذلك قوله : ( وكان الناس ) ، أي : أكثرهم ( يقومون أوله ) : وبالضرورة ينامون آخره . ( رواه البخاري ) : قال ابن الهمام : ورواه أصحاب السنن ، وصححه الترمذي .

التالي السابق


الخدمات العلمية