صفحة جزء
1311 - عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى " . رواه مسلم .


1311 - ( وعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يصبح على كل سلامى من أحدكم ) : بضم السين وفتح الميم ، أي : عظام الأصابع والمراد بها العظام كلها ، في النهاية : السلامى جمع السلامية وهي الأنملة من أنامل الأصابع ، وقيل : واحدة وجمعه سواء ، ويجمع على سلاميات ، وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان . ( صدقة ) : و " على " هنا للتأكيد ، ندب التصدق بمعنى الوجوب المصطلح ، قال الطيبي : اسم يصبح إما صدقة ، أي : تصبح الصدقة واجبة على كل سلامى ، وإما من أحدكم على تجويز زيادة " من " والظرف خبره ، وصدقة : فاعل الظرف ، أي : يصبح أحدكم واجبا على كل مفصل منه صدقة ، وإما ضمير الشأن ، والجملة الاسمية بعدها مفسرة له ، قال القاضي : يعني أن كل عظم من عظام ابن آدم يصبح سليما عن الآفات باقيا على الهيئة التي تتم بها منافعه ، فعليه صدقة شكرا لمن صوره ووقاه عما يغيره ويؤذيه اهـ .

وفي معناه قوله - عليه الصلاة والسلام : " في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا " تارة ذكر العظام ; لأنها بها قوام البدن ، وتارة ذكر المفاصل ; لأن بها يتيسر القبض والبسط والتردد والنهوض إلى الحاجات ، ( فكل تسبيحة صدقة ) : قال الطيبي : الفاء تفصيلية ، ترك تعديد كل واحد من المفاصل للاستغناء بذكر تعديد ما ذكر من التسبيح وغيره اهـ . أو ; لأن تعديد المفاصل يجر إلى الإطالة ، وفي تركه إيماء إلى قوله تعالى : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ ص: 979 ] المقصود ما به القيام بشكرها على أن جعل له ما يكون به متمكنا على الحركات والسكنات ، وليس الصدقة بالمال فقط ، بل كل خير صدقة . ( وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ) : وكذا سائر الأذكار ، وباقي العبادات صدقات على نفس الذاكر ، وخيرات ومبرات عليه . ( وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ) ; لأن منفعتهما راجعة إليه وإلى غيره من المسلمين ، ولعل ترك ذكر ( كل ) هنا استغناء بذكره أولا .

وقال ابن حجر للإشارة إلى ندرة وقوعهما بالنسبة لما قبلهما لا سيما من المعتزل عن الناس اهـ . ولظهور الكلية فيهما ; لأنهما أفضل من غيرهما ، وفي ترك ذكر الصدقة الحقيقية تسلية للفقراء والعاجزين عن الخيرات المالية . ( ويجزئ ) : بالتذكير أو التأنيث ، قال النووي : ضبطناه بالضم ، أي ضم الياء من الإجزاء ، وبالفتح من جزى يجزي ، أي يكفي ( من ذلك ) : هي بمعنى " عن " ، أي : يكفي عما ذكر مما وجب على السلامى من الصدقات ( ركعتان ) ; لأن الصلاة عمل بجميع أعضاء البدن ، فيقوم كل عضو بشكره ، ولاشتمال الصلاة على الصدقات المذكورة وغيرها ، فإن فيها أمرا للنفس بالخير ونهيا لها عن ترك الشكر ، وأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ( يركعهما من الضحى ) ، أي من صلاة الضحى ، أو في وقت الضحى ، فينبغي المداومة عليهما ، ولذا كره جماعة تركها ، وأقلها ركعتان ، وفيه إشارة خفية إلى نهي البتيراء ، ولعل وجه تخصيصهما بالإجزاء أنه وقت غفلة أكثر الناس عن الطاعة ، والقيام بحق العبودية ، ولذا فسر الشفع والوتر في الآية بهذه الصلاة ، والوتر في جوف الليل ، لكونهما وقت الاستراحة . ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية