صفحة جزء
1329 - وروى الترمذي عن أبي رافع نحوه .


1329 - ( وروى الترمذي ، عن أبي رافع نحوه ) : وقال الترمذي : حديث غريب ، وقال : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة التسبيح غير حديث ، ولا يصح منه كثير شيء ، قال : وفي الباب عن ابن عباس وعبد الله بن عمر ، والفضل بن عباس ، وروى ابن المبارك وغير واحد من أهل العلم صلاة التسبيح ، وذكروا الفضل فيها ، نقله ميرك ، وقال ابن حجر : وممن رواه أيضا الطبراني في معجمه ، والخطيب ، والآجري ، وأبو سعيد السمعاني ، وأبو موسى المديني ، اختلف المتقدمون والمتأخرون في تصحيح هذا الحديث ، وصححه ابن خزيمة ، والحاكم وحسنه جماعة اهـ .

وقال العسقلاني : هذا حديث " حسن " ، وقد أساء ابن الجزري بذكره في الموضوعات ، وقال الدارقطني : أصح شيء ورد في فضائل السور فضل ( قل هو الله أحد ) وأصح شيء ورد في فضائل الصلوات فضل صلاة التسبيح ، وقال عبد الله بن المبارك : صلاة التسبيح مرغب فيها يستحب أن يعتادها في كل حين ، ولا يتغافل عنها قال : ويبدأ في الركوع بسبحان ربي العظيم ثلاثا ، وفي السجود سبحان ربي الأعلى ثلاثا ، ثم يسبح التسبيحات المذكورة ، وقيل له : إن سها في هذه الصلاة هل يسبح في سجدتي السهو عشرا عشرا ؟ قال : لا إنما هي ثلاثمائة تسبيحة .

[ ص: 996 ] قلت : ومفهومه أنه إن سها ونقص عددا من محل معين يأتي به في محل آخر تكملة للعدد المطلوب .

وذكر الترمذي عن ابن المبارك أنه قال : إن صلاها ليلا فأحب إلي أن يسلم من كل ركعتين ، وإن صلاها نهارا فإن شاء سلم ، وإن شاء لم يسلم ، غير أن التسبيح الذي يقوله بعد الفراغ من السجدة الثانية يؤدي إلى جلسة الاستراحة . وكان عبد الله بن المبارك يسبح قبل القراءة خمس عشرة مرة ، ثم بعد القراءة عشرا ، والباقي كما في الحديث ، ولا يسبح بعد الرفع من السجدتين ، قاله الترمذي ، قال السبكي : وجلالة ابن المبارك تمنع من مخالفته ، وإنما أحب العمل بما تضمنه حديث ابن عباس ، ولا يمنعني من التسبيح بعد السجدتين الفصل بين الرفع والقيام ، فإن جلسة الاستراحة حينئذ مشروعة في هذا المحل ، وينبغي للمتعبد أن يعمل بحديث ابن عباس تارة ، ويعمل بحديث ابن المبارك أخرى ، وأن يفعلها بعد الزوال قبل صلاة الظهر ، وأن يقرأ فيها تارة بالزلزلة ، والعاديات ، والفتح ، والإخلاص ، وتارة ب ( ألهاكم ، والعصر ، والكافرون ، والإخلاص ) وأن يكون دعاؤه بعد التشهد قبل السلام ، ثم يسلم ويدعو لحاجته ، ففي كل شيء ذكرته وردت سنة ، أما كونها بعد الزوال فقد أخرج أبو داود ، عن أبي الجوزاء عن رجل له صحبة يروي أن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ائتني غدا أحبوك وأثيبك وأعطيك " حتى ظننت أنه يعطيني عطية ، أي حسية ، والحال أنها معنوية ، قال : " إذا زالت الشمس فقم فصل أربع ركعات " فذكر نحوه ، وقال : " ثم ترفع رأسك فاستو جالسا ولا تقم حتى تسبح عشرا ، وتكبر عشرا ، وتهلل عشرا ، ثم تصنع ذلك في الأربع الركعات فإنك لو كنت أعظم أهل الأرض ذنبا غفر لك " .

قلت : فإن لم أستطع أن أصليها في تلك الساعة ؟ قال : صلها من الليل والنهار ، وقال في الإحياء : إنه يقول في أول الصلاة : بسبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ، ثم يسبح خمس عشرة قبل القراءة ، وعشرا بعدها ، والباقي عشرا عشرا كما في الحديث ، ولا يسبح بعد السجدة الأخيرة قاعدا ، وهذا هو الأحسن وهو اختيار عبد الله بن المبارك ، ثم قال : وإن زاد بعد التسبيح : ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فحسن ، وقد ورد ذلك في بعض الروايات .

وأما الدعاء فقال الترمذي في كتاب اللمعة في رغائب يوم الجمعة لابن أبي الصيف اليمني ، نزيل مكة المشرفة : يستحب صلاة التسبيح عند الزوال يوم الجمعة ، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة التكاثر ، وفي الثانية والعصر ، وفي الثالثة الكافرون ، وفي الرابعة الإخلاص ، فإذا كملت الثلاثمائة تسبيحة قال بعد فراغه من التشهد قبل أن يسلم : اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى ، وأعمال أهل اليقين ، ومناصحة أهل التوبة ، وعزم أهل الصبر ، وحذر أهل الخشية ، وتعبد أهل الورع ، وعرفان أهل العلم ، حتى أخافك . اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك ، وحتى أعمل بطاعتك عملا أستحق به الرضا ، وحتى أناصحك في التوبة خوفا منك ، وحتى أخلص لك النصيحة حبا لك ، وحتى أتوكل عليك في الأمور كلها حسن ظن بك ، سبحان خالق النور ، ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، ثم يسلم ، والأقرب من الاعتدال للمؤمن أن يصليها من الجمعة إلى الجمعة ، وهذا الذي كان عليه حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، فإنه كان يصليها عند الزوال يوم الجمعة ، ويقرأ فيها ما تقدم اهـ . كذا ذكره شيخنا المرحوم قطب الدين المفتي بالحرم الأمين في رسالته أدعية الحج نفعنا الله به . وقد ذكر شيخ مشايخنا جلال الدين السيوطي في الكلم الطيب ، عن الإمام أحمد ، أنه يقول بعد صلاة التسبيح قبل السلام ولفظه : اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى ، وأعمال أهل اليقين ، ومناصحة أهل التوبة ، وعزم أهل الصبر ، وجد أهل الخشية ، وطلب أهل الرغبة ، وتعبد أهل الورع ، وعرفان أهل العلم ، حتى أخافك . اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك ، وحتى أعمل بطاعتك عملا أستحق به رضاك ، وحتى أناصحك بالتوبة خوفا منك ، وحتى أخلص لك النصيحة حياء منك ، وحتى أتوكل عليك في الأمور كلها حسن ظن بك سبحان خالق النار اهـ . وهو أولى مما قبله باعتبار حسن سنده كما لا يخفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية