صفحة جزء
1336 - وعن أنس رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى من المدينة إلى مكة ، فكان يصلي ركعتين ركعتين ، حتى رجعنا إلى المدينة ، قيل له : أقمتم بمكة شيئا ؟ قال : " أقمنا بها عشرا " . متفق عليه .


1336 - ( وعن أنس قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ) ، أي : متوجهين ( إلى مكة ) ، أي : لحجة الوداع على ما ذكره ابن حجر . ( فكان ) : وفي نسخة صحيحة : بالواو ( يصلي ركعتين ركعتين ) ، أي في الرباعية ( حتى رجعنا إلى المدينة ) ، أي : حتى قصر في مكة أيضا ( قيل له : أقمتم ) ، أي توقفتم ( بمكة شيئا ؟ ) ، أي : من الأيام . ( قال : " أقمنا بها عشرا ) : قال المظهر ، أي عشر ليال ، وقال ابن حجر ، أي من الليالي ، أو من الأيام ، وحذفت التاء ; لأن المعدود إذا حذف جاز حذفها وإثباتها اهـ .

والحديث بظاهره ينافي مذهب الشافعي من أنه إذا أقام أربعة أيام يجب الإتمام ، وقال أبو حنيفة : يقصر ما لم ينو الإقامة خمسة عشر يوما ، قال في الهداية : وهو مأثور عن ابن عباس ، وابن عمر ، قال ابن الهمام : أخرجه الطحاوي عنهما قالا : إذا قدمت بلدة وأنت مسافر ، وفي نفسك أن تقيم خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة بها ، وإن كنت لا تدري متى تظعن فاقصرها ، قال : والأثر في مثله كالخبر ; لأنه لا مدخل للرأي في المقدرات الشرعية .

وروى عبد الرزاق بسنده أن ابن عمر ، قال : ارتج علينا الثلج ، ونحن بأذربيجان ستة أشهر في غزاة ، فكنا نصلي ركعتين ، وفيه أنه كان مع غيره من الصحابة يفعلون ذلك ، وأخرج عبد الرزاق عن الحسن ، قال : كنا مع عبد الرحمن بن سمرة ببعض بلاد فارس سنين ، فكان لا يجمع ولا يزيد على ركعتين . وأخرج عن أنس بن مالك ، أنه كان مع عبد الملك بن مروان بالشام شهرين يصلي ركعتين ركعتين اهـ .

وقال ابن حجر قوله : بها أطلقه على ما ينسب إليها إذ لم يقم العشر التي أقامها لحجة الوداع بموضع واحد ; لأنه دخلها يوم الأحد ، وخرج منها صبيحة الخميس ، فأقام بمنى والجمعة بنمرة وعرفات ، ثم عاد السبت بمنى لقضاء نسكه ، ثم بمكة لطواف الإفاضة ، ثم بمنى يومه فأقام بها بقيته ، والأحد والاثنين والثلاثاء إلى الزوال ثم نفر ، فنزل بالمحصب وطاف في ليلته للوداع ، ثم رحل قبل صلاة الصبح ، فلتفرق إقامته قصر في الكل ، وبهذا أخذنا أن للمسافر إذا دخل محلا أن يقصر فيه ما لم يصل وطنه أو ينو إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج ، أو يقيمها . واستدلوا لذلك بخبر الصحيحين : يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا ، وكان يحرم على المهاجرين الإقامة بمكة ومساكنة الكفار كما روياه أيضا ، فالإذن في الثلاثة يدل على بقاء حكم السفر فيها بخلاف الأربعة ، ومن ثم صح عن عمر رضي الله عنه أنه منع أهل الذمة الإقامة بالحجاز ، ثم أذن لتاجرهم أن يقيم ثلاثا ، وفي معناها ما فوقها ودون الأربعة ه . ولا يخفى ما في مأخذ الاستدلال من الخفاء والله أعلم . ( متفق عليه ) : ورواه الأربعة ، قاله ميرك .

[ ص: 1001 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية