صفحة جزء
[ 43 ] باب وجوبها

الفصل الأول

1370 - وعن ابن عمر ، وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما قالا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره : " لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ، أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين " . رواه مسلم .


[ 43 ] باب وجوبها

أي : الأحاديث الدالة على وجوبها وفرضيتها . في شرح السنة : الجمعة من فروض الأعيان عند أكثر أهل العلم ، وذهب بعضهم إلى أنها من فروض الكفايات نقله الطيبي ، وقال ابن الهمام : الجمعة فريضة محكمة بالكتاب والسنة والإجماع ، وقد صرح أصحابنا بأنه فرض آكد من الظهر ، وبإكفار جاحدها اهـ ، وقال في كتاب الرحمة في اختلاف الأمة : اتفق العلماء على أن الجمعة فرض على الأعيان ، وغلطوا من قال : هي فرض كفاية .

الفصل الأول

1370 - ( عن ابن عمر ، وأبي هريرة ) : ( أنهما قالا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره ) ، أي : درجاته ، أو متكئا على أعواد منبره في المدينة ، وذكره للدلالة على كمال التذكير ، وللإشارة إلى اشتهار هذا الحديث ، ( " لينتهين أقوام " ) : قيل : اللام للابتداء ، وهو جواب القسم ، ويجيء البحث فيه في باب المفاخرة مستوفى إن شاء الله تعالى ، ذكره الطيبي . ( " عن ودعهم " ) : بفتح الواو وسكون الدال ، وتقدم أن في وصل نحو هذه الكلمة إلى ما بعده ثلاثة أوجه . ( " الجمعات " ) ، أي : عن تركهم إياها والتخلف عنها . من ودع الشيء يدعه ودعا إذا تركه كذا في النهاية ، وقال الطيبي : والنحاة يقولون : إن العرب أماتوا ماضي ( يدع ) ومصدره ، واستغنوا عنه بترك ، والنبي صلى الله عليه وسلم أفصح العرب ، وإنما يحمل قولهم على قلة استعمالها فهو شاذ في الاستعمال صحيح في القياس اهـ .

وقد جاء في قراءة شاذة ( ما ودعك ربك ) بتخفيف الدال ، وأيضا يرد على الصرفيين حيث قالوا : وحذف الواو في يدع يدل على أن المحذوف واو لا ياء ; لأنه لو كان ياء لما حذف ، فكأنهم ما تشرفوا بمعرفة القراءة والحديث ، ولهذا قال التوربشتي من أئمتنا أنه لا عبرة بما قال النحاة ، فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم هو الحجة القاضية على كل ذي لهجة وفصاحة . ( " أو ليختمن الله على قلوبهم " ) ، أي : ليمنعنهم لطفه وفضله ، والختم الطبع ' ومثله الرين ، قال عياض : وقد اختلف المتكلمون في هذا اختلافا كثيرا فقيل : هو إعدام اللطف وأسباب الخير ، وقيل : هو خلق الكفر في صدورهم ، وهو قول أكثر متكلمي أهل السنة نقله ميرك عن التصحيح . ( " ثم ليكونن من الغافلين " ) ، أي : معدودين من جملتهم ، قال الطيبي : ( ثم ) لتراخي الرتبة فإن كونهم من جملة الغافلين المشهود عليهم بالغفلة أدعى لشقائهم ، وأنطق لخسرانهم من مطلق كونهم مختوما عليهم ، قال القاضي : والمعنى أن أحد الأمرين كائن لا محالة ، إما الانتهاء عن ترك الجمعات ، وإما ختم الله على قلوبهم ، فإن اعتياد ترك الجمعة يغلب الرين على القلب ، ويزهد النفوس في الطاعة ، وذلك يؤدي بهم إلى أن يكونوا من الغافلين ( رواه مسلم ) : وابن ماجه وغيرهما ، قاله ميرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية