صفحة جزء
[ ص: 1030 ] 1383 - وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت ; غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ، ومن مس الحصى فقد لغا " . رواه مسلم .


1383 - ( وعنه ) ، أي : عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله : " من توضأ " ) : فيه إشارة إلى الرخصة ، ودلالة على أن الغسل سنة لا واجب ، وفيه حجة على مالك . ( " فأحسن الوضوء " ) ، أي : أتى بمكملاته من سننه ومستحباته ، وأما قول ابن حجر ، أي : أتى بواجباته فغير صحيح ; لأن إتيانها علم من قوله : توضأ مع أن المكتفي بالواجب مسيء لا محسن ، ( " ثم أتى الجمعة " ) ، أي : حضر خطبتها وصلاتها ، وقال ابن حجر ، أي أتى محلها ، ولا يخفى أنه ليس في محله ; لأنه لا يفيد المقصود ، ( " فاستمع " ) : إن كان قريبا ، ويلزم من الاستماع الإنصات دون عكسه ، ( " وأنصت " ) ، أي : سكت إن كان بعيدا ، لكن جوز بعض مشايخنا أن يقرأ القرآن حينئذ ، وفيه إشارة إلى أن قرب الخطيب أفضل ، وقيل : في زماننا البعد منه أكمل ، وأغرب ابن حجر فقال : وأنصت تأكيد بل تأسيس ; لأنه قد يقصد الاستماع ويتكلم ، فأفاد أنه لابد من الأمرين قصد الاستماع والإنصات اهـ .

ووجه الغرابة قوله : تأكيد بل تأسيس ، وقوله : قصد الاستماع ، والصواب قصد السماع فإنه الاستماع . ( " غفر له ما بينه وبين الجمعة " ) ، أي : السابقة كما سبق ( " وزيادة ثلاثة أيام ، ومن مس الحصى " ) ، أي : سواه للسجود غير مرة في الصلاة ، وقيل : بطريق اللعب ، وفي حال الخطبة ( " فقد لغا " ) : يكتب بالألف والياء ، أي : أتى بصوت لغو مانع عن الاستماع ، فيكون شبيها بمن ذمهم الله تعالى بقوله : ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) ، وقال ابن حجر : وجاء في حديث " من لغا ، أي تكلم بما لا يشرع له ، أو عبث بما يظهر له صوت فلا جمعة له ، أي كاملة اهـ . وقيل : لغا عن الصواب ، أي مال . في النهاية : لغى يلغي ولغى يلغى ولغا يلغو إذا تكلم بما لا يعني ، وهو اللغو ، والمراد بمس الحصى تسوية الأرض للسجود ، فإنهم كانوا يسجدون عليها ، وقيل : تقليب السبحة وعدها ، ذكره الطيبي ، وفيه أن السبحة المعروفة لم تكن في زمنه - عليه الصلاة والسلام - . ( رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية