صفحة جزء
1386 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ثم يخالف إلى مقعده ، فيقعد فيه ، ولكن يقول : افسحوا " رواه مسلم .


1386 - ( وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة " أي : من مقعده " ثم يخالف " ) بالرفع ، وقيل بالجزم أي : يقعد ويذهب ( " إلى مقعده " ) أي : إلى موضع قعوده ( " فيقعد فيه " ) قال الطيبي : المخالفة : أن يقيم صاحبه من مقامه فيخالف فينتهي إلى مقعده فيقعد فيه . قال تعالى : وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه وفيه إدماج وزجر للمتكبرين أي : كيف تقيم أخاك المسلم وهو مثلك في الدين ، ولا مزية لك عليه ؟ ! زاد ابن حجر : فيحرم ذلك بغير رضا الجالس رضا حقيقيا ، لا عن خوف أو حياء ، وإن بعثه ليأخذ له مقعدا قبل الزحمة ; لأن المساجد ونحوها لا تستحق بالبعث ، بل المبعوث أحق بما جلس فيه لسبقه إليه ، وإن كان ناويا أنه لمرسله ، بل يكره القيام له سنة ، وإيثاره به إن كان من يقوم له دون الأول في الفضيلة لكونه في الصف الأول ، فيتنحى له أي الثاني ; لأن الإيثار بالقرب بلا عذر مكروه ، وأما قوله تعالى : ويؤثرون على أنفسهم فالمراد به الإيثار في حظوظ النفس ، كما بينه قوله : ولو كان بهم خصاصة اهـ .

ومن اللطائف أن خدمة بعض الظلمة دخلوا جامعا ، فأقاموا الفقراء وبعثوا سجاجيدهم ، ودفعوهم ، وضربوهم ، فقيل لعارف هناك : أما ترى يا مولانا ظلم هؤلاء ؟ فقال : هذا حال عبادتهم ، فقس حال ظلمهم ومعصيتهم . ( " ولكن يقول " ) أي : أحدكم للقاعدين ( " أفسحوا " ) : وفي رواية : تفسحوا وتوسعوا فإن زاد : رحمكم الله ، أو يفسح الله لكم ، كما أشارت إليه آيته أو نحو ذلك فلا بأس ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم ، لكن هذا إذا كان المحل قابلا للتوسع وإلا فلا يضيق على أحد ، بل يصلي ولو على باب المسجد . ( رواه مسلم ، وجه مناسبته للترجمة أنه متضمن للحث على التبكير ، لئلا يقع فيما يجب عنه التحذير من قيام أخيه المسلم ، ومن الكلام ولو بقوله : فافسحوا يفسح الله لكم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية