صفحة جزء
1407 - ( وعن جابر قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى رواه مسلم .


1407 - ( وعن جابر قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب ) أي : للجمعة ، ويحتمل غيرها ( احمرت عيناه ) لما ينزل عليه بوارق أنوار الجلال الصمدانية ، ولوامع أضواء الكمال الرحمانية ، وشهود أحوال الأمة المرحومة ، وتقصير أكثرهم في امتثال الأمور المعلومة ، ( وعلا صوته ) بالرفع وينصب أي : ارتفع كلامه لنزول الهموم ، أو رفع صوته لإفادة العموم . وقال ابن الملك : لإبلاغ وعظهم إلى آذانهم ، وتعظيم ذلك الخبر في خواطرهم ، وتأثيره فيهم ( واشتد غضبه ) أي : أثار الغضب الناشئ مما تفعله الأمة من قلة الأدب في معصية الرب ( حتى كأنه منذر جيش ) إضافة إلى المفعول أي : كمن ينذر قوما من قرب جيش عظيم قصدوا الغارة عليهم ( يقول ) صفة لمنذر ، أو حال منه ( صبحكم ومساكم ) [ ص: 1044 ] التشديد فيهما . قال ابن الملك : أي سيصبحكم العدو ، وسيمسونكم يعني سيأتيكم وقت الصباح والمساء . قال الطيبي : أي صبحكم العدو كذا أمساكم ، والمراد الإنذار بإغارة الجيش في الصباح والمساء ، ويقول : يجوز أن يكون صفة لـ " منذر جيش " ، وأن يكون حالا من اسم كان ، والعامل معنى التشبيه ، فالقائل إذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويقول : الثاني عطف على الأول ، وعلى الوجه الأول عطف على جملة " كأنه " اهـ . الصحيح بل الصواب الوجه الأول ; إذ لا معنى لقوله في المنبر صبحكم ومساكم ، ويدل عليه إعادة الصحابي لفظ ( ويقول ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إشارة إلى أن قول المنذر : ثم قبله ثم الصحيح ، أنه عطف على احمرت ; لأن الرواية في يقول الرفع ، فارتفع احتمال أن يكون معطوفا على مدخول حتى . ( بعثت أنا والساعة ) بالرفع في أكثر النسخ ، وهو أبلغ ، وإن كان النصب أظهر معنى . قال في المفاتيح بنصبها ورفعها ، وقال ابن الملك : بالرفع عطفا على الضمير ، وبالنصب مفعول معه ، أي : يعني إليكم قريبا من القيامة . وقال الطيبي : أكد الضمير المنفصل ليصح العطف ( كهاتين ) يعني أنها ستأتيكم بغتة في مثل هذا اليوم كإتيان الجيش بغتة في الوقتين المتقدمين ( ويقرن ) بضم الراء ، وفي لغة بكسرها ، كذا في المصابيح ( بين أصبعيه السبابة ) بالجر على البدلية ، وجوز الرفع أي : المسبحة ( والوسطى ) قال الطيبي : مثل حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في خطبته ، وإنذاره القوم بمجيء القيامة ، وقرب وقوعها ، وتهالك الناس فيما يرديهم أي : يهلكهم - بحال من ينذر قومه عن غفلتهم بجيش قريب منهم ، يقصد الإحاطة بهم بغتة من كل جانب ، فكما أن المنذر يرفع صوته ، وتحمر عيناه ، ويشتد غضبه على تغافلهم ، ونظير هذا أنه لما نزل ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) صعد - صلى الله عليه وسلم - الصفا فجعل ينادي بطون قريش ، وأعمامه ، وعماته ، وأولاده ، ويقول : لا أغني عنكم من الله شيئا ، أنا النذير العريان ، كذلك حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند الإنذار ، وإلى قرب المجيء أشار بأصبعيه ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية