صفحة جزء
1431 - وعن أم عطية - رضي الله عنها - قالت : أمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين ، وذوات الخدور فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ، وتعتزل الحيض عن مصلاهن ، قالت امرأة : يا رسول الله ، إحدانا ليس لها جلباب ؟ قال : " لتلبسها صاحبتها من جلبابها " . متفق عليه .


1431 - ( وعن أم عطية قالت : أمرنا ) : بالبناء للمجهول أي : نحن معاشر النساء . ( أن نخرج ) : بالبناء للفاعل المتكلم من باب الأفعال . ( الحيض ) : بالنصب على المفعولية ، وهو بضم الحاء ، وتشديد الياء المفتوحة جمع حائض أي : البالغات من البنات ، أو المباشرات بالحيض ، مع أنهن غير طاهرات . ( يوم العيدين ) : قال المالكي : فيه إفراد اليوم ، وهو المضاف إلى العيدين ، وهو في المعنى مثنى ونحو قوله : ومسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما يعني : حيث أفرد الظاهر والباطن . قال ابن حجر : فلو روي الحديث بلفظ التثنية على الأصل لجاز أي : جاز أن يقول : يومي العيدين أو يومي العيد . ( وذوات الخدور ) أي : الستور جمع خدر ، وهو الستر عطف على الحيض أي : التي قل ، [ ص: 1064 ] خروجهن من بيوتهن ، وجوز الزركشي في " تخرج " أن يكون بضم التاء ، وفتح الراء ، فالتقدير أمرنا أن تخرج منا الحيض ، وذوات الخدور ، فهما مرفوعان على نيابة الفاعل ، وفي رواية : العواتق بدل الخدور جمع عاتق أي : البالغات ; لأنهن عتقن عن الخدمة أو عن قهر الأبوين . ( فيشهدن ) أي : يحضرن . ( جماعة المسلمين ودعوتهم ) أي : دعاءهم ويكثرن سوادهم . ( وتعتزل ) وفي رواية : يعتزلن بإثبات النون على لغة شاذة . ( الحيض عن مصلاهن ) أي : تنفصل وتقف في موضع منفردات لئلا يؤذين غيرهن بدمهن أو ريحهن .

قال الخطابي : أمر جميع النساء بحضور المصلى يوم العيد لتصلي من ليس لها عذر ، وتصل بركة الدعاء إلى من لها عذر ، وفيه ترغيب للناس في حضور الصلوات ، ومجالس الذكر ، ومقاربة الصلحاء لينالهم بركتهم ، وهذا أي : حضورهن غير مستحب في زماننا لظهور الفساد . وفي شرح السنة : اختلف في خروج النساء ليوم العيدين ، فرخص بعضهم ، وكرهه بعضهم . قال ابن حجر : لخبر عائشة : لو علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدثت النساء بعده لمنعهن المساجد اهـ .

وقال ابن الهمام : وتخرج العجائز للعيد لا الشواب اهـ . وهو قول عدل ، لكن لا بد أن يقيد بأن تكون غير مشتهاة في ثياب بذلة ، بإذن حليلها مع الأمن من المفسدة بأن لا يختلطن بالرجال ، ويكن خاليات من الحلي والحلل ، والبخور والشموم ، والتبختر والتكشف ، ونحوها مما أحدثن في هذا الزمان من المفاسد ، وقد قال أبو حنيفة : ملازمات البيوت لا يخرجن ، ووجه الطحاوي بأن ذلك كان أول الإسلام والمسلمون قليل ، فأريد التكثير بهن ترهيبا للعدو اهـ .

ومراده أن المسبب يزول بزوال السبب ، ولذا أخرجت المؤلفة قلوبهم من مصرف الزكاة ، وليس مراده أن هذا صار منسوخا فلا يتوجه عليه قول ابن حجر . وهو توجيه ضعيف ; لأن مجرد احتمال ذلك لا يجدي ، إذ لا بد في النسخ الذي زعمه من تحقق معرفة الناسخ ، ومعرفة تأخره عن المنسوخ . قال الطيبي : وفيه أن الحائض لا تهجر ذكر الله ومواطن الخير ، ويستحب إخراج الصبيان . كان ابن عمر يخرج من استطاع من أهل بيته في العيد .

( قالت امرأة : يا رسول الله ، إحدانا ) أي : ما حكم واحدة منا . ( ليس لها جلباب ؟ ) : بكسر الجيم أي : كساء تستتر النساء به إذا خرجن من بيتهن . قال الجزري : الجلباب الإزار ، وفي تاج الأسامي : هو الرداء . ( قال : " لتلبسها " ) : أمر من الإلباس على سبيل الندب . ( " صاحبتها " ) : بالرفع على الفاعلية . ( " من جلبابها " ) : قيل : المراد به الجنس أي : تعيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه ، وقيل : المراد تشريكها معها في لبس الثوب الذي عليها ، ويشهد له رواية : " تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها " ، والأظهر أن هذا من باب المبالغة أي : يخرجن ولو اثنتان في جلباب . قال بعضهم : وهذا الاختلاف مبني على تفسير الجلباب ، قيل : هو المقنعة ، أو الخمار ، أو أعرض منه ، وقيل : الثوب الواسع يكون دون الرداء ، وقيل : الإزار ، وقيل : الملحفة ، وقيل : الملاءة . وقيل : القميص كذا ذكره الأبهري ، وبعض هذه المعاني متقاربة ، ولا يخفى أن القول بالجنسية هو الظاهر ، وأما القول بالشخصية فهو محمول على ما إذا كان ثوبا واسعا قابلا للاشتراك ، فتقطعه وتعطي صاحبتها بعضه بالملكية أو العارية ، وفيه المبالغة العظيمة ، والحث على المكارم الجسيمة . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية